Saturday, July 28, 2012

في أي مكان التقيا، وماذا كان حديثهما ؟‎


تجاور الجثمانان في قبلة المسجد في انتظار قدوم الإمام ليصلي عليهما صلاة جنازة واحدة ولينقلهما المشيعين من أهليهما لمقبرتين متجاورتين في نفس منطقة المدافن.

متقاربا السن في العقد الرابع من العمر، كانا يسكنان حيا واحدا، لكنهما ربما لم يلتقيا من قبل أو يتعارفا قبل صدفة هذه اللحظة التي ستجمعهما متجاورين تحت الأرض.

كان هذا المسجد مألوفا للأول فهو يسكن بالقرب منه و يواظب على صلوات الجماعة فيه و التي يختمها دائما بدعاء "اللهم أمتني على شهادة في سبيلك"، كما كان يقدمه المصلون بعد الضغط عليه للإمامة في صلاة الفجر لخشوع تلاوته؛ بينما الثاني بيته أبعد و لم يكن يقرب المسجد المجاور لبيته سوى في الجمعة، أما بقية الصلوات فبالكاد يصليها قبل وقتها أو قضاءا و ربما يجمعها في نهاية اليوم.

قبل وصولهما للمسجد لاحظ المغسل إصابة قديمة في القدم اليسرى لكل منهما لا علاقة لها بسبب وفاتهما

كانت للثاني نتيجة شجار قديم مع أحد الزبائن على المقهى تطور إلى عراك حتى أصابه خصمه تلك الإصابة التي أهمل علاجها و لم يشأ أن يقتص أو يحرر محضرا بل ارتعب و آثر السلامة حين علم أنه أمين شرطة بأمن الدولة.

أما الأول فقد كان ناشطا أثناء فترة دراسته بالجامعة و قريبا من حراك التيارات السياسي و الدعوي و إن لم ينتم لأي منهم وقد جاءته تلك الإصابة أثناء اشتباك مع قوات الأمن المركزي خلال إحدى مظاهرات دعم الانتفاضة الفلسطينية الأولى... كان جريئا ممتلئا بالحيوية و الأمل و الطاقة و الإقدام، بل كان يمازح جاره ضابط مباحث أمن الدولة بأن "شنطة هدومه جاهزة على طول"... ابتعد بعض الشئ - بل كثيرا - بعد تخرجه و انخراطه في دوامة الحياة حيث عمل موظفا و تزوج و أنجب، ولكنه تعرض لظلم الحبس أيضا و لكنه من نوع آخر.

كان ذلك حين قرر ترك بلدته و الإقامة الدائمة في القاهرة بعد نزاع طويل في المحاكم مع المستأجرين ليتمكن من بيع بيت أبيه، حيث كان أحدهم بلطجيا مستمتعا بإقامته شبه المجانية رافضا كل عروض التراضي. فلما تم الأمر أراد ذاك المستأجر أن ينتقم ببلاغ تعد كيدي و شهود زور لم يملك أمامهم القاضي سوى أن يقضي بحبسه شهرا كاملا رغم قناعته ببراءته.

لم يسلم الثاني من السجن هو الآخر قبل وفاته بعام في زخم الثورة التي لم يكن يتخيل يوما أن يكون له علاقة بفكرتها أو بما يقرب السياسة من الأساس.

قابل الاثنان دعوات تحرك الجماهير للخامس و العشرين من يناير بغير اكتراث، سمع عنها الثاني بالصدفة بينما الأول ظل متابعا للشأن العام وفي باله حلمه و على لسانه دعاؤه.

اهتم الأول بالمتابعة و إن تشكك في الجدوى، اندهش مما انتهى عليه يوم الثامن والعشرين و إن استبعد أن تسقط الرأس، تأثر بالخطاب الثاني العاطفي و لم يتذكر محن نضاله و رفاقه و لا مرارته ساعة غياب العدالة، تنفس الصعداء عند سقوط الرأس و اكتفى بنشر الدعوة للإيجابية و العمل بين زملائه الذين شاركوه تفاؤله و إن لم يستجيبوا لنداءات التغير و ظلوا على نمطية روح الموظفين.

أطل الثاني من الشباك حين مرت إحدى مسيرات الثامن و العشرين من تحت بيته و طلب منه أحدهم زجاجة مياه. أخذ يتابع الهتاف بتركيز لأول مرة، و رثى بعض الشئ لحاله حيث لم يتزوج بعد مرور أكثر من ثلاث عقود و لم يستقر في عمل ثابت يؤمن له مستقبلا جيدا... تردد كثيرا ثم نزل ليتابع عن بعد المسيرة بعد أن ابتعدت عن بيته بربع الساعة...
مر بعض الوقت قبل أن يلحظ حالة كر وفر و هرج، و رأى الشاب الذي أعطاه زجاجة المياه و هو يحمل كهلا خمسينيا غارقا في دمه... لم تستغرق حالة جزعه جزءا من الثانية حتى هرول محاولا المساعدة في الإنقاذ في تلك اللحظة التي مثلت عاملا فارقا في حياته نسي فيها سلبيته و انعزاله و جبنه و تردده، حيث شارك بقوة و طاقة رهيبة في الثورة و كافة فعاليتها و أحداثها تقريبا، عدا شهرا واحدا قضاه في السجن في واحدة من تلك القضايا العسكرية الملفقة التي تستهدف النشطاء غير المعروفين إثر أي حدث ثوري يسب إزعاجا للسلطة.

تحقق التربي من تصريح الدفن لكل من الجنازتين، و ارتسمت على وجهه أمارات الدهشة و التساؤل رغم اعتياده الروتيني للموقف حتى فهم تفاصيل سبب وفاتهما بعد ذلك.

كان الأول في بلدته يحضر فرحا لأحد أقربائه حين انطلقت رصاصة طائشة من مسدس عمه الذي نسيه في يد أحد غلمان العائلة بعد أن ظن إفراغ جميع طلقاته ابتهاجا بالزفاف السعيد الذي تحول إلى مأتم حين أصابت الرصاصة الأخيرة المنسية صدر الرجل و أودت به في الحال.

في نفس اللحظة في القاهرة بعد منتصف الليل كانت رصاصة أخرى مصوبة و تعرف هدفها من القتل العشوائي تنطلق تجاه صدر الثاني من سلاح ميري حولته إلى رقم و اسم من المنسيين في سجلات ضحايا أحداث مجلس الوزراء.

رقد الرجلان في مستقريهما البرزخي و مكث المشيعون وقتا غير كثير أما المقبرتين، ثم بدأوا في الانصراف في الوقت الذي أخذت روحيهما تصعد في السماء و إن لم يدر أحد في أي مكان التقيا و ماذا كان حديثهما.

Friday, June 01, 2012

عن مستويات الإدراك و الاختزال و ثقافة الإنكار

بينما تتراوح مشاعر "الثوار" تجاه "أهل الكنبة الفلول" ممن يصدقون تزييف الإعلام بين الاستهزاء و السخرية و الاحتقار، أجدني أشعر تجاههم بالرثاء و الشفقة بجانب قدر من اللوم تجاه الثوار لتقصيرهم حين يظنون عدم جدوى تغيير تفكير هؤلاء فيتقاعسوا عن القيام بدور من أدوار الثورة و هو معركة الوعي.

فيا أيها الثائر اللوذعي، قبل أن تضحك على أو تحتد مع هؤلاء المساكين، أما ساءلت نفسك أقد ولدت هكذا حقا أم أنه كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم ؟

حاول أن تتبع تاريخ تطور طريقتك في التفكير تجاه أي قضية و علاقة ذلك بكم المعلومات التي تحصلت عليها حتى تصل في النهاية لبناء وجهة نظرك النهائية..، ستجد أنك مررت بمرحلة اختزال تبسيطية تطورت إلى صورة مركبة أكثر تعقيدا عبر مستويات من الإدراك تتناسب مع مقدار الاهتمام و المعلومات التي قمت بمعالجتها وتبينت الحقائق منها من الزائف حتى وصلت لأعلى مستوى من الإدراك و القدرة على التمييز تجاه هذا النوع من القضايا دون غيره.

لتتصور كيفية اختزال التصور الذهني و تطوره مع كم المعلومات المعالجة، جرب أن تتابع طفلًا صغيرًا و هو يتعلم الكلام و إدراك ما حوله..
ستجده مثلا يستطيع تمييز "بابا" بينما يطلق على كل رجل آخر غيره لقب "جدو" مثلا ثم يبدأ في تمييز ذلك لاحقا.
ستجده يطلق على كل ذوات الأربع في الشارع لقب "قطة" حتى لو كانت كلبًا أو حمارًا، ثم يستطيع تمييز القط كحيوان دونا عن بقية الحيوانات، ثم يرتقي ليميز قطته المنزلية "بوسي" عن قطط الشوارع، وهكذا.

الشاهد أنه في كل مرحلة من مراحل الإدراك الاختزالي، يكون التصور الذهني صحيحا لا تستطيع أن تخطئه أو تنتقده و ذلك وفق المعطيات المحدودة من كم المعلومات المعالجة في تلك المرحلة من الإدراك ... و هكذا الأمر بالنسبة لأي شخص في أي مرحلة عمرية عند تعاطيه مع أي قضية مستجدة من نوعها بالنسبة له فيأخذ مسارًا طبيعيًا من الإلمام بها من الاختزال إلى الإدراك المركب متناسبا مع كم و ترتيب المعلومات و الحقائق التي يعالجها تجاه القضية.

في محاولة لتقديم تفسير نفسي لمستويات إدراك الشعب و تعاطيه مع الثورة تشير د.منال عمر إلى 5 مستويات من النمو الأخلاقي و المعرفي تبدأ من الطفولة العقلية الساذجة:


فمن المهم أولا معرفة مستوى تفكير من تخاطبه، ثم ثانيا عدم التبرم أو اليأس من إمكانية ارتقاء وعيه لمستوى أعلى فقط حين تعرض أمامه معلومات جديدة بطريقة منظمة، و تذكر أنك لم تولد هكذا.

و من الملاحظ أن تلقي معلومة مخالفة للنموذج المعرفي الاختزالي للمرء يمثل عادة صدمة للوهلة الأولى يقابلها في الغالب بثقافة الإنكار، وهو الرد الطبيعي من عدم التصديق قبل أن تعيد المعلومات الجديدة برمجة نموذجه للإدراك.

أذكر حين حاولت كتابة موضوع تعبير ساعة أحداث الدير البحري بالأقصر أن المنطلق كان رفض فكرة وجود جماعات منتسبة للإسلام من الأساس تقوم باعتداء على سياح يابانيين و أن الموضوع بالضرورة مؤامرة صهيونية على الطريقة البكرية أيام ما كان يمثل رمزا للصحفي الصادع بالحق صاحب القضية. طبعا تغيرت نظرة التناول للحدث أو الأحداث المشابهة كما تغير التعاطي مع شخص مصطفى بكري و نظرياته، لكن الشاهد أن ثقافة الإنكار هو أمر متوقع ولا ينبغي أن تكون سدا يصد عن الاستمرار في محاولة تغيير وعي المخاطب ممن ينكر على الثوار و "العيال بتوع التحرير اللي مش عارفين عايزين ايه".

ختاما، لا يرتبط مستوى الوعي و القدرة على معالجة المعلومة أو تلقي الصدمة و قبولها أو إنكارها لاصطدامها بنموذج اختزالي بفئة أو شريحة معينة من التعليم أو الثقافة، بل ربما يكون الأمي أكثر وعيا فلا قاعدة هنا.


القاعدة الوحيدة أن طريقة تفكير نفس الشخص ليست بالضرورة متسقة مع كل قضية يتعاطى معها، فلا تستغرب أن يتفوق عالم عبقري من شرق آسيا في علم تكنولوجي دقيق جدا بينما يمارس طقوس عبادة و تقرب لحيوان حقير مثلا.


فقط لا تندهش و لا تظن بالضرورة أن طريقة تفكيرك التي تظن أن منطقها من البداهة الواضحة ستصل بالضرورة للآخرين دون تدرج و جهد و مثابرة.

Thursday, January 26, 2012

موال راحة البال

من حيث لا يحتسب، جاءته نسبة معتبرة و إن كانت ضئيلة من المال من ميراث قريب بعيد كانت قد انقطعت أخباره بعد سفره و لم يعلم بوفاته إلا حين استدعاه القاضي لينال نصيبه.
فرح كثيرا، و أخذ يطلق لخياله العنان فيما يمكن أن يفعله بهذا المال الذي لا يقارن بما يدره عليه حانوته الصغير من دخل يكفيه بالكاد.
نام ثم صحا مبكرا منتشيا مما رآه في الحلم من متاع سيحققه و ينعم به من هذه الثروة البسيطة.
لم يفتح الحانوت في هذا اليوم، بل أخذ النقود التي حصل عليها جميعا بعد أن و ضعها في صرة و ارتدى أفضل حلة لديه و انطلق إلى السوق.
أخذ يملي عينيه من البضائع غالية الثمن التي لم يكن يفكر من قبل في مجرد النظر إليها، فضلا عن أن يحلم بشرائها، ثم أخذ في شراء كل ما يمكن أن يشتهيه أو تتوق له نفسه توقا شديدا كان أو عابرا، و بكميات لا تكفيه فحسب، بل حتما تفيض عن حاجته كثيرا.
لم يشرع في الانصراف من السوق إلا حين بدأ يتسرب الملل إليه من كثرة الشراء، و كان قد تبقى معه اليسير من النقود ما يكفي لأجرة حمال وشراء بعض السلع البسيطة الأخرى؛ لكنه لم يشأ أن يستأجر واحدا فهو بصحة جيدة لا يحتاج مساعدة، و عله يدخر ما تبقى لمرة تسوق أخرى.
سلك طريقه من السوق إلى البيت ماشيا و هو يمني نفسه بما سيفعله بكل هذه السلع و كيف ستجلب له السعادة... أخذ يفكر كيف سيقوم بإعداد هذا الطعام الذي لم يتناول مثله قط و سمع فقط ما يتداوله الناس عن قصص أثرياء التجار و موائدهم العامرة... تدبر أمره أين سيضع قفص الطائر الذي ابتاعه، و ماذا سيطعمه، و كيف سيدربه... ظل يحسب أنى له أن يهيئ مدخل بيته بتلك التحفة الثمينة ثم يأمن ألا يصيبها أطفال جيرانه و هم يلعبون فيحطمونها...
و بينما هو في منتصف المسير، بدأ يستشعر التعب من الحمل الذي أثقل كاهله و آلم ذراعيه و أوجع قدميه، ففكر أن يجلس و يستريح قليلا أو أن يحاول استدعاء الحمال، ولكنه صبر نفسه بأن المسافة قليلة و عندما سيصل سيلهيه ما اشتراه و ينسيه هذا الجهد.
فواصل طريقه مستمرا في التفكير و حمْل هم أمور مشترياته الجديدة، حتى إذا قارب على الوصول إلى بيته و كان قد اشتد به التعب و بلغ به إرهاق الحمل مبلغه، إذا به يلمح صندوقا ضخما لتجميع القمامة على جانب الطريق، فما كان منه إلا أن ألقى كل حمولته في صندوق القمامة و استستلم تماما لشعور الراحة التي دبت في أوصاله ، ثم أخرج ما تبقى من نقود و أعطاها لأول عابر لمحه في طريقه، و انصرف مسرعا قبل أن يكلمه عابر السبيل و يفهم منه أو حتى يشكره، ثم دخل بيته فبدل الحلة و ارتدى حلة حرفته وفتح الحانوت و طفق يعمل كما لم يعمل من قبل.

Tuesday, January 24, 2012

عود إلى البدايات



"هم ليه ما يعملوش ثورة؟"
لا أذكر تحديدا الدافع ساعتها وراء هذا السؤال الذي لا أظن أنه  نتيجة اهتمام مبكر بالشأن العام لمن هو في الصف الإعدادي لم يمض من عمره سوى عقده الأول ليس له سوى ملاحظات و تذمرات عابرة من النظافة و النظام في الشارع أو سماع تعليقات و حكاوي الكبار عن حال البلد.
لا أظن أني كنت أدرك معنى و أبعاد مفهوم كلمة ثورة وقتها، كما لم أحدد من هؤلاء الـ "هم" الذين سيقومون بها و لم أعرف أنه ينبغي أن تكون "نحن"

خضت الجدالات المشهورة الخاصة ببناء الهرم من القاعدة للقمة أم أن السمكة تفسد من الرأس.
تبنيت الشعار الإصلاحي "بدلا من أن تلعن الظلام، أوقد شمعة" في المقابل كان يرد صديقي الثوري مباشرة بـ "العن الظلام". 
لم ألعن كما طلب و إن كنت أقدر نشاطه في كفاية و معجب بالحراك السياسي الحاصل على الأرض و في المجتمع التدويني الموازي
لم أستمر كثيرا في حمل الشمعة إثر المرور بين حالة و أخرى و عاشرة لا تبقى لك سوى الكفر بالوطن، فما كان إلا أن تغير الشعار إلى "حين يطفئون الشمعة، لا يملك المرء إلا أن يلعن الظلام" فكنت أتعجب من روح الإصرار لدى البعض لكن فقط أغبطهم و أرجو لهم المزيد.

لم أقتنع بفكرة المخلص، كما لم تتبين بوضوح وجاهة فكرة إعداد جيل البناء بعد عقود من ظهور جيل الصحوة الذي لم يخرج من أبنائه جيل النصر المنشود بعد

حين أتت اللحظة التي لم أشرف بلحاق بدايتها و على غير العادة في التظاهرات القليلة التي حاولت بفتور المشاركة فيها دون تفاعل أو حماسة، و جدت لدي رغبة شديدة في الصراخ و الهتاف مع الجموع بأعلى صوت و قد ظهر بصيص لم يتوقع أحد كيف سيحدث هذا الزلزال الرهيب و نقطة البداية أخيرا.

Wednesday, November 02, 2011

انخرطت في الدوامة و نسيت الحلم

 ولكن مازال إدراكه ممكنًا "ها أنا أبدأ ما كان يمكنني أن أبدأه منذ عشر سنوات على الأقل ولكني سعيدا لأنني لم أنتظر عشرين سنة أخرى" --- اقتباسات من كتاب السيميائي لباولو كويليو   


اقتباسات من مقدمة بهاء طاهر:   ﻫﻲ ﺭﺣﻠﺔ ﻓﻲ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺃﻭﻻ‌ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺩﺭﻭﺏ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ   ﻳﺒﺤﺜﻮﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﻓﺤﺴﺐ ، ﻳﺒﺤﺜﻮﻥ ﻋﻦ ﻛﻨﺰ ﺃﺳﻄﻮﺭﺗﻬﻢ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ، ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﺸﻮﺍ ﺗﻠﻚ ﺍﻷ‌ﺳﻄﻮﺭﺓ .   ﻟﻜﻲ ﺗﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺮ ﻻ‌ ﺑﺪ ﺃﻥ ﺗﻨﻔﺬ ﺇﻟﻰ ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ.... 


اﺳﺘﻤﻊ ﺇﻟﻰ ﻗﻠﺒﻚ ﻓﻬﻮ ﻳﺪﺭﻙ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ.... ﺧﺸﻴﺔ ﺍﻷ‌ﻟﻢ ﺃﻣﺾ ﻣﻦ ﺍﻷ‌ﻟﻢ ﻧﻔﺴﻪ. ... 


ﻭﺃﻧﻪ ﻣﺎ ﻣﻦ ﻗﻠﺐ ﻗﺪ ﺗﺄﻟﻢ ﻭﻫﻮ ﻳﺴﻌﻰ ﺇﻟﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺣﻠﻤﻪ.   


ﺍﻟﺬﻫﺐ ﻫﻮ ﺃﺭﻗﻰ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻥ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺑﺪﻻ‌ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺼﺒﺢ ﺭﻣﺰ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ، ﺃﺻﺒﺢ ﺭﻣﺰﺍ ﻟﻠﺠﺸﻊ ، ﻋﺮﻓﺖ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺳﻴﻤﻴﺎﺋﻴﻴﻦ ﺍﻧﻌﺰﻟﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻣﻠﻬﻢ ، ﻭﺣﺎﻭﻟﻮﺍ ﺃﻥ ﻳﻄﻮﺭﻭﺍ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻟﻴﺼﺒﺤﻮﺍ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺬﻫﺐ ، ﻭﻫﺆﻻ‌ﺀ ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﻛﺘﺸﻔﻮﺍ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺣﺠﺮ ﺍﻟﻔﻼ‌ﺳﻔﺔ ، ﻷ‌ﻧﻬﻢ ﻓﻬﻤﻮﺍ ﺃﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮﺗﻘﻲ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﻓﺈﻥ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺣﻮﻟﻪ ﻳﺘﻄﻮﺭ ، ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺗﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﺗﺼﻬﺮﻙ ﻟﻜﻲ ﺗﺼﺒﺢ ﺃﻧﺖ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺬﻫﺐ ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻓﻬﻲ ﺗﺨﺘﺒﺮﻙ ﺑﺎﻟﻤﺤﻦ قبل أن تعطيك كنزك الموعود لك 

    ----------------------------------   


اقتباسات من الكتاب:     الرعاة شأن البحارة أو السماسرة الجائلين يعرفون دائما مدينة تعيش فيها من تستطيع أن تنسيهم متعة أسياحة في العالم دون أي قيد على حريتهم    كان أبواه يريدان أن يجعلا منه قسا لأن ذلك ما تباهي به أسرة ريفية متواضعة ظلت تكدح لمجرد الحصول على الغذاء والماء مثل أغنامه    جاءوا هنا ليبحثوا عن أشياء جديدة و لكنهم ظلوا دائما كما كانوا يذهبون حتى التل ليزوروا القصر ويكتشفوا أن الماضي أفضل من الحاضر    وتساءل وهو يرقب مطلع الشمس كيف يمكن للإنسان أن يذهب لمدرسة دينية لكي يبحث عن الله.،؟   المشكلة أنها لن تدرك أن المراعي قد تغيرت وأن الفصول تتغير لأنه لا شئ يشغلها غي الغذاء و الماء   فهي تخاف ممن لاتعرف ولكن الأطفال يأتون دائما ليلعبوا معها دون أن تخشى منهم شيئا... 


لا أعرف كيف يتسنى للحيوانات أن تعرف أعمار البشر     وهذا هو سبب حبه للترحال حيث ينجح الإنسان دائما في عقد صداقات جديدة دون أن يتحتم عليه البقاء مع هؤلاء الأصدقاء على مر الأيام   فعندما يرى الوجوه نفسها... يعتبرها جزءا من حياته... و إذا لم نصبح على نحو ما تشتهي أن ترانا فإنها تستاء منا، لأن الناس جميعا يعتقدون أنهم يعرفون بالضبط كيف ينبغي أن نعيش   و لكن أحدا لا يعرف قط كيف ينبغي أن يعيش هو حياته   هو كتاب يتكلم عن الأشياء نفسها التي تكاد تتكلم عنها كل الكتب الأخرى . أي عن عجز البشر عن أن يختاروا مصائرهم بأنفسهم... أكبر كذبة في العالم   كثيرا ما يقول الناس أشياء بلهاء. و في بعض الأحيان يحسن أن يعيش المرء مع الشياه الخرساء... أما عندما يتكلم الناس فههم يقولون أشياء معينة تجعلك لا تدري كيف تواصل الحوار   الأسطورة الذاتية - هي ما تمنيت دائما أن تفعله   كل منا يعرف في مستهل شبابه ما هي أسطورته الشخصية . ففي تلك المرحلة من العمر يكون كل شئ واضحا  وكل شئ ممكنا ولا يخشى الإنسان من أن يحلم... ولكن مع مرور الوقت تبدأ قوة غامضة في محاولة إثبات استحالة تحقيق أسطورته الذاتية هي قوى تبدو سيئة ولكنها في الواقع تعلمك كيف تحقق أسطورتك الذاتية فهي التي تشحذ روحك و إرادتك لأن هناك حقيقة كبيرة في هذا العالم فأيا كنت و مهما كان ما تفعله فإنك عندما تريد شيئا بإخلاص تولد هذه الرغبة في روح الفالم   الالتزام الوحيد للإنسان هو أن يحقق أسطورته الخاصة . كل الأaياء هي شئ واحد و عندما ترغب في شئ يتآمر الكون كله ليسمح بتحقيق رغبتك   رأي الناس في باعة الفشار و الرعاة أهم من تحفيق أسطورتهم أذاتية   الناس يدركون في وقت مبكر جدا مبرر وجودهم و ربما كان هذا بالذات هو أسبب في أنهم يتخلون عنه مبكرا أيضا، و لكن هذا هو حال العالم   يكره المغاربة فقد كانوا هم الذين أدخلوا الغجر ( أسبانيا)   عندما تصبح كل الأيام متشابهة فمعنى ذلك أن الناس قد كفوا عن أن يلحظوا الأشياء الطيبة التي تمر بحياتهم بينما تعبر الشمس السماء   أخذ الشاب يحسد الرياح على حريتها و أدرك أنه يمكن أن يصبح مثلها، لن يوجد ما يمنعه غير نفسه    مبدأ المواتاة - لو لعبت الكوتشبنة للمرة الأولى فكن المؤكد أن تكسب - هذا حظ المبتدئين   الراعي قد يحب الترحال و لكنه لا ينسى شياهه أبدا   الموانئ عادة أوكار اللصوص    انقبض قلبه كما لو كان صدره قد تقلص في الحجم     فأنا أرى الدنيا على نحو مت أرغب في أن تكون لا كمت هي عليه بالفعل   لفد وعدت أن أنخذ قراراتي بنفسي   وتذكر السيف لقد دفع ثمنا غأليا لكي يتأمله لحظة   باغته شعور بأنه بمكن أن ينظر للعتلم غما كضحية تعس لأحد تللصوص و إما كمغامر يبحث عن كنز   هناك لغة تتجاوز الكلمات لو توصلت إلى معرفة كنه هذه اللغة التي تتجاوز الكلمات لتةصلت إلى معرفة كنه العالم   الناس يتحدثون كثيرا عن العلامات و لكةهم لا يعرفون بالضبط عم يتكلمون    بدا و كأن الخرس قد أصاب العالم كله لأن روح الفتى لزمت الصمت    عندما يحالفنا الحظ فيجب أن نغتنم الفرصة وأن تفعل كل ما بوسعنا لكي نساعده بنفس الطريقة التي يساعدنا بها   الفريضة الخامسة على كل مسلم هي أن يسافر في رحلة   أنا خائف من  أن أحقق حلمي فلا يبقى لي بعد ذلك ما أعيش من أجله ولكني خائف من خيبة أملي الكبيرة... إلى درجة أني أفضل أن أقتصر على الحلم   لا يسع الناس جميعا أن ينظروا إلى أحلامهم بالطريقة نفسها   تذكر أنك يجب أن تعرف دائما ما تريد   كل نعمة مرفوضة تتحول إلى نقمة   فسأشعر بتعاسة أكثر من أي وقت مضى... لأني أعرف أني يمكن أن أملك كل شئ بينما أنا لا أريد   في بعض الأحيان يكون من المستحيل أن تسيطر على نهر الحياة   لا تتنكر أبدا لأحلامك   من يدري ربما كان من الأفضل أن يعيش الإنسان مثل تاجر الكريستال... يحلم دون أن يحقق حلمه   يستطيع دائما أن يرجع راعيا ، يستطيع دائما أن يرجع تاجرا للكريستال.. ربما كانت الحياة تخفي كنوزا أخرى و لكنها وهبته حلما متكررا، وهذا لا يحدث للناس جميعا   القرارات لا تمثل سوى بداية شئ ما... الإنسان عندما يتخذ قرارا فإنه يقذف بنفسه في الواقع في خضم تيار عارم يلقي به إلى مصير لم يتوقعه قط   الصحراء مترامية الأطراف.. نائية الآفاق تشعر الإنسان بضآلته.. تلزمه الصمت..... مستغرقا في اللانهاية وفي سطوة العناصر   من يعتاد الترحال مثل الشياه يعرف أنه يصل دائما إلى لحظة لابد فيها من الفراق   إذا ما تحتم ذات يوم قتلي فإن أي يوم يصلح كسواه للموت   لو تمكنت من أن تعيش دائما في الحاضر فسنكون إنسانا سعيدا   الحياة.. هي تلك اللحظة التي نحياها وليست شيئا غير ذلك    الجمال خادعة... تقطع آلاف الخطى دون أن يبدو عليها أي أثر للتعب ، ثم فجأة تسقط على ركبها و تموت، أما الخيول فهي تتعب بالتدريج ، و ستعرف دائما حدود ما تستطيع أن تطلبه منها و متى ستموت   لا توجد سوى طريقة واحدة للتعلم ؛ هي العمل   الخوف من العذاب أسوأ من العذاب نفسه... ما من قلب تعذب و هو يسعى وراء حلمه   لكل إنسان على سطح الأرض كنز ينتظره.. الناس كفوا عن الرغبة في العثور على هذه الكنوز.. ما عدنا نتكلم إلا للأطفال الصغار.. نتمنى أن تعبر كلماتنا دون إصغاء لها   روح العالم ترغب في أن تمتحن كل ما تعلمته على مدى الطريق... حتى نتمكن من أن نستوعب أيضا في وقت حلمنا نفسه الدروس التي نتعلمها و نحن في سبيلنا إلى الحلم.. و تلك هي اللحظة التي يتخلى فيها معظم الناس عن أحلامهم   الموت عطشا في الوقت الذي يلوح فيه نخيل الواحة في الأفق   أي مسعى يبدأ دائما بحظ المبتدئ و ينتهي باختبار الغالب    عندما تكون أمام أعينا كنوز عظيمة فنحن لا نلقي لها بالا   العين نبدي قوة الروح    عندما يتطور شئ فإن كل ما حوله يتطور على شاكلته    لا تترك نفسك لليأس فهذا يحول بينك وبين الحوار مع قلبك   من يعش أسطورته الذاتية يعرف كل ما يحتاج إلى معرفته   لا يوجد غير شئ واحد يمكن أن يجعل الحلم مستحيلا، هو خوف الفشل   الموت عموما يجعل الإنسان أكثر حرصا على الحياة    لا شئ يتغير بسب  الموت.. و الحياة تستمر   نباتات تتشبث بالحياة حيث يبدو استمرار الحياة بعيدا عن الخيال    الرياح عادة ما تعرف كل شئ، فهي تجوب العالم دون أن يكون لها موطن ميلاد و لا موطن موت   الريح لا تأتي من مكان و لا تذهب إلى غيره، و هذا هو السر في أنها أقوى من الصحراء    جميع الأشياء شئ واحد، وإن لم يكن من الضروري أن يشبه الحديد النحاس أو النحاس الذهب، فكل يؤدي وظيفته بالضبط ضمن هذا الشئ الواحد   الرصاص يؤدي دوره إلى أن يستغني العالم عن حاجته إلى الرصاص، فلابد أن يتحول إلى ذهب   http://www.goodreads.com/review/show/229885767


تراويح المستعمرة

 من بقايا التراث الفاطمي قبل 15 سنة   

- قبل أول ركعتين: القيام أثابكم الله 

- قبل ثاني ركعتين: الصلاة و السلام على أول خلق الله 

- بعد منتصف التراويح: قل هو الله أحد 3 مرات 

- قبل ثالث ركعتين: القيام أثابكم الله 

- قبل رابع ركعتين: الصلاة و السلام على خاتم رسل الله 

- بعد التراويح: قل هو الله أحد 3 مرات - قبل الشفع: أشفعوا و أوتروا أثابكم الله 

- قبل الوتر: الله و احد أحد


Saturday, September 24, 2011

لجظات ما بين الشك و اليقين

 الحسين: ـ في هذه الساعة البعيدة عن الثبات.. التي تنقلب فيها الأشياء. ـ أي اضطراب يمسكك يا نفس؟ هل أتابع الطريق رغم العقبات؟ هل أقود هذا الشعب نحو أجله من أجل أهداف؟ هل أسبابي نقية حقاً؟ أم أنها الكبرياء التي تدفعني؟ و هل يكون إغراء السلطة بهذه القوة حتى تجعلني أنسى مسئوليتي تجاه هذا الشعب؟ و لكن.. كيف يمكن للرجل الفاضل أن يقبل دون نقاش إهانة المتسلطين في هذا العالم؟ أيمكن لأكثر الأهداف عدلاً أن تدفن في التراب عارًا و خوفًا أمام البربرية المتسلطة؟ يانور القرار الصائب .. أنت تتخلى عني بقسوة. ـ   ـ "التعازي الشيعية" - عرض مسرحي فارسي لمأساة كربلاء - الإسلام و المسرح: محمد عزيزة - ترجمة: د.رفيق الصبان 18-1-2011


Saturday, September 17, 2011

شئ من التأمل و الحكمة و الحكي من تجارب الحياة

ما بين دفتي مقدمة مشوقة تعرض ملخصا للحكايات تميز فيه بين ألوان الحب البناء منها و ما قتل، و بين خاتمة رائعة تحكي عما يتركه الإنسان من أثر و حقه في الحلم دون أن تأخذه الأحلام بعيدا، تأخذنا كاتبة"حكايات من الأحلام" في عمل إبداعي جديد. هي واحدة من أعضاء ثلاثي آل فودة المعروف في الأوساط الهندسية على المستووين المهني و المجتمعي تطل علينا بإبداع ليس في الناحية التقنية أو العمل التطوعي هذه المرة و لكن في الجانب الأدبي بكتاب يجمع بين بعض التأمل و الحكمة و الحكي من تجارب و خبرات الحياة.

للكتاب من عنوانه نصيب حين يحكي عن الخلوة وسط الطبيعة في الجزيرة الجميلة الخيالية النائية في "حلم الهروب" ثم تطور ذلك إلى التحليق بين السحب و مع الطيور التي يتبين أنها لا تختلف شيئا عن القطعان المربوطة فتنكسر الأجنحة بعد التسليم بقناعة الدوران في الساقية في "كيف ترى الحياة".

في "الوحدةأكاد أستشعر تماما تلك الحالة التي كتبت فيها هذه الدفقة الشعورية التي عبرت عن الكثير، ومثلها "أسوأ شعور"، بخلاف مقال "الغربة و الوطن" الذي شعرت أن فكرته لم تكتمل أو ربما احتاجت إعادة صياغة على مهل.

من الصور الرقيقة لحظات التأمل أثناء سقوط المطر في "الأختان" والتي وجدتني في نهايتها متعاطفا أكثر مع رأي الاخت الصغرى على عكس ما ظننته هدف القصة، وبخلاف الترجيح في "الأختين" جاءت "لأني أحبها لن أتزوجها" بالدفع في البداية تجاه إحدى وجهتي النظر ثم تركت في خاتمتها مفتوحة ليتم إعادة النظر في الاتجاهين من جديد.

القصص الأطول في الكتاب مثل "هذه الفتاة ستجلب لنا العار" تصلح لأن تكون سيناريو واحد من المسلسلات المصرية التقليدية وإن كان في بعضها يحدث أحيانا انقطاع في السرد أو الربط بين الفقرات أو ربما الوصول للنتيجة بسرعة أو بأسلوب مباشر على حساب الحبكة فيمتزج الجو القصصي مع الصياغة المقالية في لون مختلف لإيصال الفكرة.

في "لقد قتلت صديقي" جاءت قصة الراوي على لسانه في صورة رسالة إلى عبد الوهاب مطاوع الذي ساهم في تشكيل وعي أجيال و كان حلم الكثير أن يكتب له رسالة أو إلى بريد الأهرام عامة .. و إن كان هناك مِن تأثر به إلا أن التأثر الأكبر عبر جنبات الكتاب طبعا بالأب المثالي الذي أتم عمره مبكرا... في حين أن هامش "التغيير يا دكتور" ذكرني بأحمد خالد توفيق حين يضمن قصصه حقائق علمية ثم يضع مرجعها أو مزيد عنها في نهاية القصة. أما "نصائح أم مودرن لابنتها" فكأنها معارضة أدبية لوصية أمامة بنت الحارث بلغة جديدة وإن كان المضمون يصلح لكل أم ليست بالضرورة مودرن.

بجانب المواضيع الاجتماعية و القضايا الحياتية الأكثر تناولا في الكتاب، هناك قصص تستخدم الرمزية لتناول فلسفة أو فكرة أكثر تجريدا عبر خيال خصب و صور مبتكرة كما في "السفينة" والتي تبدو كأنها قصة من الأساطير القديمة - وإن لم تكتمل، وكما في "الفراشة" المسكينة الحائرة.

التجارب الشخصية قيمة و طريفة مثل ما جاء في "علموا أولادكم أن يقولوا لا" و مقالة "ازدراء اللغة العربية" التي تحكي عن صلاة الباي باي :) وللأسف بالفعل يبدو الأمر أكبر من مجرد عقدة الخواجة فقط.

المقالات عن الولايات المتحدة تتناول تصحيح الصورة الذهنية النمطية عن أمريكا عند المصريين بالإضافة إلى النظرة الإيجابية للأمور عند المقارنة مثل ما في "حاجات بمصر أحسن من امريكا"... لكن في "حكايتنا مع أولاد العم" استغربت أن الصورة الفلكورية الأسطورية عن الطقوس اللاإنسانية عند اليهود و التي كنا نتداولها و نحن أطفال ما زالت حية إلى الآن بل و مصدر خوف و تربص عند التعامل معهم.

بالنسبة لإخراج الكتاب فالغلاف تقليدي يعرض فكرة مباشرة لا تعكس تنوعه فيصوره على أنه فقط مجموعة قصص من مصر وأخرى من أمريكا يرمز لها بماذا غير الأهرامات و تمثال الحرية... بالطبع تعجبني أكثر صورة أريج الحالمة على صدر المدونة.

هناك عدة أفكار لترتيب مواضيع الكتاب (التي تحتاج فهرس) دون الاعتماد فقط على الترتيب الزمني لكتابتها.

لم أقرأ من قبل من إصدارات دار دون لكن الانطباع الأول انها دار نشر تجارية تحسن الانتقاء وتكتفي بذلك على حساب مستوى الاحترافية المطلوب، فبعض الأخطاء المطبعية و الإعرابية المتناثرة هنا و هناك يشير إلى تخليهم عن دور التدقيق اللغوي في إخراج الكتاب. بالطبع الدار محققة تواجد قوي و تساعد في ظهور الوجوه الجديدة في الكتابة من المجتمع الافتراضي عبر الإنترنت إلى جمهور الكتاب العادي الأوسع، لكن ربما تحتاج لإعادة النظر في سياسة تسعيرها إذا قارناها بالمنافسة مع تجربة الشروق مع المدونات التي وإن كانت محدودة لكن حققت انتشارا كبيرا.

يبقى في النهاية أن أقول أننا في انتظار الكتاب القادم :)


Tuesday, May 10, 2011

معانقة العالم

 البستان - محمد المخزنجي    أولى قراءاتي له. استشعرت فيها شيئا من روح يوسف إدريس - الذي أفرده بقصة في المجموعة - ، مع رقة بهاء طاهر بأسلوب مميز.   أكثرهم روعة قصة "العميان" و التي تصلح أن تتحول إلى قصة للأطفال أيضا . يليها "معانقة العالم" حين تبدلت مشاعره تجاه اللص في النهاية. أما "لعلها تنام" فيستشعر المرء قشعريرة مع الفقرة الأخيرة فيها. في حين أن "البستان" التي تحمل المجموعة اسمها ويشيد الكثيرون بها لم أرها أفضلهم بل تأتي بعد قصص أخرى مثل "الدليل" أو شئ جميل جدا يحدث لك" أو خمس دقائق للبحر"   -- اقتباسات: --   نشروا جذوع الفيكس من أسفل و تركوها مرمية على رصيف الكورنيش كقتلى ممدين في تتابع حتى يفرغوا لتقطيع الجذوع و هي على الأرض إلى قطع يسهل نقلها. و عندما آبت في آخر النهار عصافير الدوري التي تسكنها بدت معذبة و حيرى. ظلت ترفرف في سحابات معلقة بقرب الأرض فوق رؤوس الأشجار المرمية على جنوبها. ظلت تحاول التعرف على ما حدث لبيوت سكناها المنكفئة على هذا النحو الغريب. و كانت تقترب لتدخل في مآويها لكنها سريعا تتراجع و تظل معلقة في الهواء القريب من الأرض، ترفرف.   --   "أنا اللي بالأمر المحال اغتوى شفت القمر نطيت لفوق في الهوا طلته ما طلتوش ايه انا يهمني وليه.. ما دام بالنشوى قلبي ارتوى"   --   فقط أتوارى خلف تبرير غير جنوني - بمنطق ناس هذه الأيام - إن تعرف علي أحد من ناس هذه الأيام، للمكث هكذا طويلا.. أعاقر أنفاس الصباح البكر، و أرى مطلع الشمس، و استيقاظ النيل. .. و للمرة - ربما المائة - أجرب حظي.. خلسة، وبمداراة أرمي ما أخبئه من قصاصات، مثل الأطفال، دون أن أجرؤ على التصايح مثلهم .. .. فأود لو أتصايح مثلهم لعلها تبقى، لكن أي تبرير مفهوم يمكنني أن أتوارى خلفه هذه المرة؟   --   أمعن في الإيحاء لاجتلاب النوم، لإقصاء الألم، دون أن أصدق ذلك، و إن كنت آمله بكل ما بقي في روحي من قوة اليأس .. نعم، قوة اليأس، و عجز الابن - الطبيب - المرتجي - أمام عذاب أمه.   --   من الذي قال ذلك عن معنى السعادة؟ .. إنه هو ذلك المتوحد العائش في قبو متواضع. المنقطع عن كل طنطنة الدنيا و بريقها ليتواصل مع جوهر روحه و يطلع علينا بالأسفار. صاحب أجل أسفار زماننا و أضخمها. السفر الذي يعلمنا حب النهر و حب الطمي و حب البحر و تفهم الرمال. إنه هو .. أجاب عن سؤال يستكنه معنى السعادة في مرة نادرة من المرات التي أدلى فيها بحديث. قال: "إن السعادة هي أن أشرب كوب شاي.. مع صديق.. في لحظة رضا".   .. لا بد أنني كنت أشبه حيوانا مذبوحا يروح و يجئ متخبطا بين المحلين. أو طائرا عاد فلم يجد عشه و لا وجد الشجرة التي فيها العش. أي رعب هذا؟ إنني لم أجد المكان.   http://www.goodreads.com/review/show/167202190


Thursday, April 14, 2011

كلام متأخر أتمنى أن يكون له معنى ولو مالوش اعتبره هذيان من واحد مخرف مش اكتر

 انا هاقول حاجة و اطلع اجري لأن التفكير بحرية والوصول لرأي مخالف بقى جريمة في الجو اللي احنا فيه دة شوية نقاط في صورة مقدمات ونتائج: 

1- الجيش مش ثوري 

2- هدفه من الأول انقاذ البلد فقط ومالوش غرض لا في الحكم و لا حتى في القضاء ع الفساد أو محاولة الإصلاح 

3- عشان كدة أما لقى البلد هتخرب قام نحى مبارك وقال هاقعد 6 شهور بس المفروش كانوا هيخلصوا في سبتمبر عشان انقل السلطة وانتو اتصرفوا مع بعض 

4- الأصوات العالية في الثوار واللي في العادة بتوجه الجموع راسها وألف سيف تشرك الجيش في ثورتها ودة بيؤدي لحاجات كتير ظاهريا فقط في صالح اثورة لكن مساوئها أقل منها طول الفترة الانتقالية - ادينا لسة في سبتمبر هيا دوب هانعمل انتخابات البرلمان و يا عالم  الرئاسة امتى ودة في حين ان المواطن العادي كل اللي سايفه ان مصالح البلد واقفة وكيلو القوطة بتسعة جنيه والزيت غلى ربع تمنه ويادوب بس للحظة بس بيفرح بـ"إنجاز" من إنجازات الثورة ثم سيسب و يلعن سنسفيل المظاهرات و الاعتصامات أما يمر من الميدان أو ماسبيرو 

5- ترتيب أولويات الثورة كان يقتضي مساعدة الجيش في الإسراع بالمرور من الفترة الانتقالية و تسليم السلطة بالصورة التي يراها عن طريق انتخابات تعكس الإرادة الشعبية التي صارت واعية وليس عن طريق مجلس رئاسي معين من شوية مثقفين و رموز بيختلفوا و يتخانقوا مع بعض طول عمرهم اكتر ما بيتجمعوا على كلمة 

6- الاكتفاء بالتحفظ على أموال كل رموز الفساد ووضعهم تحت إقامة جبرية مشددة وترك القضاء الطبيعي يأخذ مجراه - مش محاكم ثورية عسكرية يطالب بها الآن ناصريون جدد 

7- عن اولويات المرحلة برضه كان علاء سيف كاتب كلام هنا اتفق معاه فيه وفي باقي المدونة برضه موضوع تاني بيرد على مخاوف اللي بيبصوا للشعب نظرة نظيف و عمر سليمان!http://manalaa.net/node/88038   أخيرا أتمنى أن أكون مخطئا وأن يكون الصواب هو الطرق على الحديد و هو ساخن وإكمال الثورة في حموتها وتحقيق جميع ما كنا نحلم به في نفس اللحظة ولكن بلال فضل كاتب كلام بيقارن فيه بين الوضع الحالي وأجواء ما بعج ثورة 1919 أتمنى ألا نصل إليه وإن كانت ارهاصاته في الأفق للأسف


Friday, April 01, 2011

في التمييز الإيجابي

استأت كثيراً من تلك النظرة الدونية و الاحتقارية لشعب مصر العظيم (على رأي الجيش) في إطار حملة البعض على نسبة العمال و الفلاحين في البرلمان. حيث سادت لهجة تنتقص من قدر العامل و الفلاح بشكل مبالغ فيه وافتراض الجهل متلازما معهم - في حين تناسى الكثيرون أن هناك من حملة المؤهلات العليا و الدكاترة و المهندسين ممن يشغلون حتى مناصب بل و من حملة الماجستير و الدكتوراة مَن وعيهم السياسي صفر كبير جدا بجانب الكثير من البسطاء بل وحتى الأميين ... فالأمية السياسية ليست ملازمة لفئة كما أن الوعي السياسي ليس حكرا على أحد - و للعلم "لولا" رئيس البرازيل ورائد نهضتها عامل.

ولكن رغم هذا فأنا لست مع تخصيص نسبة أيضا و إن كان لليساريين وجهة ورأي معتبر في تمسكهم بها وهي محاولة التمييز الإيجابي لهم كمحاولة لمنع سيطرة أصحاب المال على مفاصل الحياة السياسية ، ولكني أرى أن هذا لن يمنع من صاحب رأس المال من أن يقف من خلف مرشح عامل أو فلاح ويدعمه بقوة ليحقق له مصالحه ويوجهه كما يشاء (أي يشتريه) ، لذا فالأولى هو البحث عن آليه أخرى تمنع تغول المال في السياسية بدلا من الإخلال بمبدأ تكافؤ الفرص و الانحياز للتمييز الإيجابي.

فالتمييز الإيجابي بكل صوره وأشكال تطبيقه يعتمد على التمييز و التفرقة سواء المرأة أو الأقلية أو ذوي الاحتياجات الخاصة .. إلخ مما يؤصل أكثر لهذه التفرقة ويخل بتكافؤ الفرص كفكرة مجردة ، لكنه نشأ في الغرب و لاقى قبولا و رواجا في التطبيق في بعض مناحي الحياة نظرا - ربما - لما كانوا يعانون منه من عقدة الشعور بذنب ارتكاب جريمة الاضطهاد في حق اليهود أو السود أو المرأة

لكن لننظر لم يتم طرح الفكرة عندنا رغم اختلاف الخلفيات و السياق عن الجو الذي نشأت فيه؟

- فبالنسبة للعمال والفلاحين فنحن لسنا في الخمسينات الآن، ورغم أن التخوف من رجال الأعمال الآن أكثر من التخوف السابق من تدخل ملاك الاراضي في إفساد الحياة السياسية قديما، لكن بالتأكيد يمكن إيجاد حلول و آليات لمنع ذلك غير هذه الفكرة التي لم تحقق أبدا المراد منها

وبالنسبة للمرأة فلا أظن أننا نعاني مما كان يعاني منه الغرب من اضطهاد للمرأة و النظرة الدونية لها في الفكر الأوروبي القديم من أنها أس البلاء وسبب خروج الإنسان من الجنة وذلك قبل التخلص من السيطرة الكنسية رغم استمرار التمييز ضد المرأة عندهم بعد عصر النهضة بفترة كبيرة ظلوا بعدها يحاولون إصلاح ذلك من خلال منظور عقدة النقص باستخدام التمييز الإيجابي لصالحها لإصلاح تراكمات الماضي وعقدة الذنب من الثقافة القديمة - كما أنه ليس عندنا الممارسات و الثقافة التي تعامل بها المرأة في دول الخليج مثلا حتى نبحث لها عن حقوق ضائعة باستخدام التمييز

أما عن أمر كتمييز ذوي الاحتياجات الخاصة في العمل مثلا فإن من يُسلب منه قدرة معينة يوهب مهارة أخرى يجعله الله متفوقا فيها عن أقرانه فيكون متميزا و يثبت نفسه أمام ميزان تكافؤ الفرص..، وهل احتاج طه حسين تمييز إيجابي للمكفوفين كي يكون عميد الأدب العربي؟

أما تمييز أقلية كالأقباط فكما قلت أننا ليس عندنا عقدة الغرب من أعمال إبادة النازيين لليهود أو الأمريكان للهنود الحمر أو استعباد السود حتى نحاول إصلاح ذلك بالتمييز الإيجابي - بل كان عندنا اقتصادي مصري من الأقلية اليهودية لم يحتج لكي يحقق نجاحه أياً من قوانين التمييز التي كانت تمنح للخواجات - أما الاضطهاد الذي كان حاصلا كان شاملا الجميع أقباط و إسلاميين و غير أصحاب الوسايط - وينبغي ألا يكون علاج ذلك باستخدام فكرة التمييز الإيجابي فنحن لا نريد أن نصبح لبنانا آخر تكون فيه المحاصصة الطائفية هي الحل

خلاصة القول أن مبدأ تكافؤ الفرص و المساواة هو الأصل في تحقيق العدالة و ليس هناك ما يستدعي استخدام التمييز الإيجابي اللهم إلا في حالات محددة يكون ظاهر فيها جدا أن عدم استخدامه سيوقع الظلم على قطاع معين

الماسات الهاربة

كانت رائعة فعلا بذوقها العالي و حسها الساخر وقضاياها المتنوعة لكن لا أدري إن كانت وجدت طريقها للنشر أم دفنت ولم يجد صاحبها الفرصة .. هي مجموعة قصصية وجدتها بين أوراقي القديمة فتذكرت "المنتدى الأدبي" ذلك النشاط الذي كان .. في الكلية مفجرة الإبداع و قاتلته في آن.. تذكرت كيف عرضت عليهم قصتي اليتيمة وقتها وأنا في قمة الارتباك و كيف لاقيت من الحفاوة و النقد الأدبي و التحليل الرائع ما ربما لا يجده ضيف هدى العجيمي في برنامج مع الأدباء الشبان... تذكرت اللقاءات الشعرية و مقدمة علم العروض التي تم عرضها بأسلوب رياضي سلس كأنها حصة جبر... تذكرت كيف كانت الكلية تحصد الكلية الجوائز من منافسي دار علوم في مسابقات الجامعة ثم كيف بدأ النشاط يموت رغم إلحاح مسئول رعاية الشباب على إدراجه في نشاطات الكلية لا لسبب إلا ليبقي على الميزانية المخصصة له ... طفت على الذاكرة أسماء بعض من أعضاء المنتدى مثل محمد حمدي (كاتب المجموعة) و نزار عبد العزيز و خالد محمد خالد و محمد عبد المقصود و محمد بيلي الذي شاركت معه في عمل تحقيق صحفي لم ير النور مع أحمد بيومي و مروان أبو شمالة و مروة داود رئيسة تحرير مجلة "رسالة" - الأسرة الطلابية الوليدة وقتها قبل أن تصبح الجمعية الخيرية ذائعة الصيت و الانتشار.

أظن أن القصة القصيرة التي تحمل المجموعة اسمها تلائم أجواء مابعد الثورة التي نعيشها الآن حيث آن الأوان لكثير من الماسات المهاجرة أن تعود لتساهم في بناء مستقبل جديد للبلاد.





Sunday, January 02, 2011

في تأثير الدومينو

ليست المشكلة في من حرك القطعة الأولى، لأنها ستتحرك حتمًا وقتًا ما سواء بفعل فاعل أو من تلقاء نفسها، المشكلة الحقيقية في ترك القطع تتراص خلف بعضها دون انتباه لها أو لتسلسلها المتتابع ربما لصغر حجمها وقلة أهميتها بالنظر لكل واحدة على حدة على أنها نكتة سوداء صغيرة مهملة ليس منها خطر، ثم عندما تتهيأ التراكمات بانتظار لمسة خفيفة كالقشة التي تقصم ظهر البعير يبدأ التأثير بتسارع لا يمكن إيقافه و يكون عندها قد فات الأوان !

Saturday, January 01, 2011

انتصرت الشريعة

‎--
يا مرحبا بانتصار الدويلات و عصر ملوك الطوائف !
أتخيل لو لا قدر الله حدث سيناريو مشابه عندنا و تم إعلان الصعيد دولة قبطية و يظهر بيان من حركة حفص يعلن أن الشمال أصبح دولة إسلامية و لا بديل عن تطبيق الشريعة، و تستجيب حكومة الشمال للرغبات الشعبية الجارفة و لإلهاء البشرية عن الأزمة الحقيقية و تعلن تطبيق الشريعة و إلغاء كافة القوانين الفرنسية الوضعية الكفرية النصرانية القذرة منذ اليوم الأول للانفصال، و تتصايح الجماهير الله أكبر و لله الحمد و انتصر الإسلام، و تسود عموم البلاد الفرحة العارمة و الاحتفالات و الزهو و الانتشاء وينامون قريري الأعين ملء جفونهم من خدر السعادة و الرضا دون أن يلاحظ أحدهم أنهم مازالوا تحت نير عبودية نفس الحكام الذين رأوا من طبائع استبدادهم ما رأورا فساموهم سوء العذاب و تحكموا في ثروات بلادهم ولم يعطوهم الفتات، ولم يظهر لأحد أنه لم يتغير سوى العناوين سواء في الشمال أو الجنوب تعلنها نفس الوجوه بعد تعديل ظاهري و تغيير للأقنعة ارتضته الشعوب الحالمة التي ارتاحت ضمائرها بالنصر المزعوم ولا حول و لا قوة إلا بالله

جودو جاي امتى؟

مللت من جدل الإصلاح من الرأس أم القاعدة لأن الأمران مطلوبان معا على التوازي، و لكن مازال البعض من أصحاب فكرة إصلاح المجتمع و تجنب العمل السياسي أو السعي لأي سلطة أو منصب مصرين على موقفهم بحجة أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم لذا فهم سيسعوا فقط في محاولات تغيير الناس و إصلاح القاعدة ثم يجلسوا في انتظار الكائن الفضائي الذي سيبعثه الله على الأمة التي أصلحت نفسها مكافأة على قيامها بالتغيير متناسين أنهم قد تركوا بالفعل الساحة التي عزفوا عن المشاركة فيها للاعبين آخرين لن يكون من بينهم جودو أو المهدي المنتظر أو المخلص الذي جلسوا ينتظرونه كمنحة من الرب دون أن يحاولوا صنعه وقد فعلوا ما هو مطلوب منهم وزيادة في ظنهم.

Wednesday, December 15, 2010

ما أسهل الكلام .. ثم عند المحك .. الجبن سيد الأخلاق

ثلاثة مواقف ...

الأول منذ بضعة أشهر .. في المسجد و قد حان موعد أذان الجمعة ولم يأت الخطيب بعد.. ينتطر خادم المسجد المؤذن ثم ينظر إالى الساعة و يتشاور مع أهل المسجد أن يتصدر أحدهم ثم ينتظر ثم يتشاور ثم يخرج بفكرة ألمعية بعدما طال وقت الانتظار وجوبه بالرفض من المنتظر منهم الصعود على المنبر وذلك بأن يقوم بتشغيل الراديو لإذاعة خطبة الجمعة التي تبث على الهواء .. هنا بدأت أتدخل - و أنا الغريب عن أهل المسجد - مستنكرا تعطيل شعيرة الخطبة واستبدالها بالراديو و أن كيف لا يستطيع أحد أن يقول كلمتين من الموعظة الحسنة وينزل ثم جئتهم بكتاب رياض الصالحين من المكتبة كحل مقترح لقراءة حديث او اثنين منه ان كانت حجة الممتنعين هو عدم التحضير - فإذا بي أدفع دفعا - وانا الذي أجيد الالقاء او التحدث في ملأ من القوم - لأن أطبق الفكرة التي جئت بها .. وبعد إلحاح من خادم المسجد و امتناع من هم أهل لذلك - سواء من كبار أهل المسجد أو من شبابه وأحدهم يبدو أنه إمامهم في الصلوات العادية و منخرط في معهد دعاة - استجبت في النهاية ومرت الخطبة رغم اللعثمات و التوقفات وتلقيت الشكر الوافر من خادم المسجد على انقاذ الموقف و الذي رد على الشاب "مشروع الداعية" الذي لم يعجبه خطبة كهذه رغم رفضه القاطع التصدر وقبوله تعطيل شعيرة الخطبة بحجة عدم التحضير - مكتفيا فقط بالصوت العالي المستنكر الشاجب المدين لخطباء آخر زمن الذين لا يعتذرون عن الموعد قبل الخطبة بوقت كاف !

الثاني: في مسجد موقف سيارات الأجرة وقد قام أحدهم بعد صلاة العشاء ينشد أهل الخير مساعدة رجل سرقت نقوده، فإذا بإمام المسجد يسكته بطريقة فظة كأنه متسول دون أن يقبل إيضاحه أنه مدرس أزهري و إمام أوقاف مثله و أنه فقط يبلغ رسالة أوصاه بها الرجل المسكين الذي فقد نقوده المنتطر بجوار باب المسجد - احتدت المشادة الكلامية بعض الشئ وإذا بالمتدخلين للتهدئة يقففون جميعهم في صف صاحب الصوت العالي - امام المسجد - طالبين من الرجل الذي تعرض للظلم بلع الإهانة و الانصراف مدافعين و مبررين عن موقفه وسط ضياع صوتي محاولا صرفه عن طرد الرجل بهذا الشكل دون ان يستمع لما تأكد للناس أنه ليس نصابا.. ولكن يبدو أن الثقافة الجمعية للناس تتحرك دوما في تهدئة الضحية أو الأضعف موقفا.

الثالث: في موقف سيارات وقد قارب الميكروباص الذي أركبه على الاكتمال فإذا بسائق (سني الهيئة - ويبدو أنه "معلم" أيضا) ينخرط في مشادة قصيرة مع سائق السيارة التي أركبها تنتهي بأن يأخذ منه مفتاح سيارته عنوة بعد أن قرر عدم السماح له بالطلوع قبله (هكذا) - فإذا بالركاب بمنتهى السهولة يسكتون على واقعة ظلم أمام أعينهم و ينزلون ببساطة من سيارة السائق المسكين ليركبوا سيارة السائق السني بمنتهى السهولة اللهم إلا القليل الذي رفض في البداية ثم لم يجد بدا من النزول و نزلت في النهاية أنا و راكب آخر مبدين اعتراضنا في وجه السائق السني الذي تلقى اعتراضنا ببرود ولا مبالاة ثم انصرف الراكب الآخر و لكني كنت قد انفعلت بعض الشئ لسلبية الركاب وتخليهم عن السائق المسكين و سكوتهم امام واقعة ظلم بلامبالاة ثم لامبالاة السائق السني الذي لم يرد يستجب او يرد، فاحتديت في الكلام معه مرة أخرى في تهور وشجاعة فجائية دون تقدير لفرق الأحجام و الأجسام فما كان إلا أن تلقيت دفعة قوية في الصدر أرجعتني خطوتين أو ثلاث إلى الوراء حمدت الله أني لم أتلق معها كلمات مما كان يوجهها للسائق المسكين !

ثم بعد ذلك ننشد التغيير من شعب يتصرف بهذه الإيجابية الاستثنائية في هكذا مواقف ؟!!

Saturday, November 27, 2010

إن الله يحكم ما يريد

أظن أن المحصلة العامة للثقافة الإسلامية قد وصلت لمرحلة من النضج بشأن قضية الإعجاز العلمي التي أخذت حظها من الأخذ و الرد الكثير حتى استقرت إلى حد ما الموجة العالية التي ركبها كثيرون في محاولة إقحام القضايا العلمية إقحاما في تفسيرات لا تحتمل ذلك فضلا عن هشاشة الكثير من القضايا العلمية أصلا كونها نظريات قابلة لأن تظهر نظريات أجدد تقوضها و ليست مسلمات مما يسقط معه هذه المحاولات التفسيرية للقرآن و السنة إذا ما أتى العلم بجدبد مناقض.

و إن كان الأمر ما زال له رواجه و رونقه و شعبيته الهائلة بين العامة وما زالت تتردد مقولات فولكلورية كثيرة من الحكمة الإلهية العلمية وراء أمر ما في الشريعة كالإعجاز في تحريم الخنزير لأنه يأكل القمامة و به دودة شريطية .. إلخ، و كأننا لو أكّلناه علف نظيف سيكون حلالا أو لو وجدنا الخرفان مصابة بدودة شريطية ستصير حراما..

لكن هناك محاولات لإعادة تصويب هذا الفكر بالتأكيد على أننا فقط مأمورين بيتنفيذ ما أمرنا بالله كما تعبدنا بذلك لإيماننا بعظيم حكمته و دون الحاجة للتفتيش وراء هذه الحكمة التي إن شاء أظهر لنا منها ما شاء أو أخفاها عنا.

المشكلة أن هذا التصويب لم يتم استكماله ليشمل قضايا أخرى تندرج تحت نفس المنطق الذي يحاول البحث عن الحكمة من كل أمر و كل نهي ويبني افتراضات يفسر بها ليصل إلى آراء هدفها هنا ليس موجة الإعجاز العلمي و لكن الرد هل مهاجمي الإسلام و محاولة "الحوار" معهم..

فتجد محاولي "تحسين الصورة" عندما يهاجمون بأن إرث المرأة نصف الرجل أو بالتعدد للرجل مثلا، تجدهم ينطلقون في عقد المقارنات يقولون انظر إلى السياق قبل الإسلام كيف كان المجتمع الجاهلي يهين المرأة وينتقص حقوقها ولا يعطيها ميراثا و يبيح للرجل التزوج كيفما شاء دون حد .. إلخ.

و هم بذلك وقعوا في خطأين أحدهما هو الانسياق وراء تبرير الأحكام الشرعية و إيجاد مسوغات لها و الذي أوقعهم في فخ كارثي أكبر و هو ربطها بسياق تاريخي - و الذي يعني ضمنيا عدم عالمية الرسالة لكل زمان و مكان، وأنه بتغير السياق يجب علينا أن نتخلى عن تلك الأحكام القطعية و نغيرها تماشيا مع العصر ومراعاة للمناط التاريخي!

أما ثانيا و هو الأهم هو انسياقهم أصلا في تقبلهم الهجوم من حيث المبدأ و من ثم انطلقوا يردون و يسوغون ويبررون من موقف الشعور بالذنب و الضعف، في حين أن الأولى هو رفض هاتيك "حوارات" من بابها وعدم السماح للغرب في التطفل و التدخل في خصوصياتنا، و إن فعل فما أسهل الرد بهجوم مماثل لما هو عندهم و غير متسق مع منطقهم الذي يهاجمون به، بدلا من أن ندور في حلقة رد الفعل المنهزمة المؤدية لحوارات متخاذلة و استجابة لضغوط بسن قوانين و تغيير مناهج على هوى غيرنا، فضلا عن أن نقوم نحن بالمبادرة في "الحوار" بالتفاتة إلى تمييز القوانين الإسرائيلية أو دعم مناهجهم وشريعتهم للإرهاب الحق و العنصرية الفجة مثلا.

Sunday, November 21, 2010

كارتون صلاح الدين

منذ عدة سنوات قرأت الخبر عن اعتزام ماليزيا دخول صناعة المالتيميديا و الكارتون ثم الإعلان عن كارتون صلاح الدين الذي استبشرنا به خيرا من الناحيتين التقنية كدولة مسلمة تقتحم باحترافية عالم الـ computer graphics & 3D Animation و من الناحية الموضوعية المتمثلة في تقديم نموذج القائد الناصر كقدوة و ملهم للأطفال - ثم مر الزمن حتى تم الإنتاج فعلا ثم حملة دعاية كثيفة له حتى بدأت إذاعته على الجزيرة أطفال - فكانت عدة مفاجآت بالنسبة لي
- أولا هو مسلسل و ليس فيلم سينمائي - يعني التقنية أبسط من حجم التوقعات التي رفعوها لنا، وكمان الإنتاج تكلفته أقل -أظن
- ثانيا عندما شاهدت بعض أجزاء منه فوجئت أنه ليس له أية علاقة بالشخصية التاريخية صلاح الدين
- فهو فقط يقدم كارتون احترافي بسيناريو على النمط الغربي - او الياباني - التقليدي للبطل الذي يسعى لإنقاذ الناس و محاربة الأشرار في مغامرات مشوقة تصادف فقط أن يكون اسم بطلها هو "صلاح الدين" - يعني الاسم مستغل فقط كوسيلة للمزيد من الترويج و الدعاية
- لكن في النهاية هو مجرد كارتون عادي مشوق (يعني مش ساذج او متخلف) غربي التناول و الاحترافية ايضا لكنه فقط بملامح و أسماء و أصوات عربية

لم أتابع اكثر او الاحظ اكثر من ذلك حتى قرأت مقالة عن الموضوع ولا أدري ان كان كل مابها صحيح ام بها مبالغة ما
والظاهر ان مفيش حد قبلها اهتم بالموضوع من الناحية النقدية خالص غير الاحتفاء بالجوايز اللي حصدها و الانبهار بالتقنية العالية

والظاهر ان هذه المقالة بدأ يسري مفعولها حيث التداول و الانتشار في المواقع و المنتديات، وكأن البشرية دي كلها كانت تكتفي بالفرجة والتلقي و تقبل اي شئ دون تفكير ثم ما صدقت لقت حد قال كلمتين تعيد تدويرهم وتبدأ تاخد موقف بعد أن وجدت من يوجهها و يقول لها تمشي ازاي و تشوف ايه وتمنع عيالها مايشوفوش ايه - ويبدو اننا سنظل هكذا بين ثنائية الحفاوة البالغة أو إهالة التراب بعنف على أي منتج ثقافي دون إعمال حقيقي للعقل طالما تظل الجماهير تنتظر التوجيه

Wednesday, November 10, 2010

التعميم ليس بالضرورة اختزالا

التعميم كما المؤامرة من الاتهامات الجاهزة المقولبة الكثيرة التي يستخدمها المثفقون بالحق و الباطل دون تمييز في حوارات مجدية كانت أم عبثية
لكن كما أن الإغراق في المؤامرة أو التمادي في تجاهلها كلاهما خطأ فكذلك الأمر بالنسبة للتعميم..
في خطاب القرآن لليهود في عهد النبوة : "فلم قتلتوهم إن كنتم صادقين" رغم أن أسلافهم هم من قتلوا الأنبياء - لكن الخطاب يشملهم كامتداد لأسلافهم بسبب عملهم و إقرارهم بالفعل وموافقتهم عليه وتداوله في أدبياتهم كأمر عادي و مقبول...
حالتان فقط يمكن أن تلغيان التعميم: إما انقطاع معرفة الجيل الجديد بفعل الأسلاف بانفصال منبت الصلة عن الثقافة السابقة، أو الإعلان الصريح عن الأسف عن هذا الفعل و إنكاره و التبرؤ مما فعله الأسلاف ولا ذنب لهم فيه
--
لم أستكمل بعد قراءة تناول المسيري لليهود كجماعت وظيفية متفرقة في ضوء الخطاب القرآني الذي يتنوع تناوله بين بني إسرائيل و الذين هادوا أو اليهود و أهل الكتاب، ولم يكن هذا الجانب في منهج تناوله الموسوعي الذي اختطه لنفسه

Wednesday, October 27, 2010

عن الفتوحات الإسلامية وتدافع غيرها من الحضارات - Re: لماذا فتح المسلمون الأندلس ؟

أظن إجابة السؤال أبسط من ذلك
لأننا مأمورين بنشر و تبليغ الدعوة في كل أصقاع الأرض
ولأن موسى بن نصير كان يتمنى أن ينال شرف  بشارة النبي عليه الصلاة و السلام بفتح القسطنطينية فكان يطمح بالوصول لها من الغرب عبر أوروبا كلها بعد فشل محاولات سابقة لفتحها من الشرق
هذه الحقائق التاريخية التي تفيد ترحيب موحدي النصارى بالفتح تعضد الرد لكن ليس الأصل هو انتظار طلب المساعدة من الشعوب حتى يتم فتح بلادهم

--------------

بمناسبة الموضوع كان عندي رأي ربما لسة لم يكتمل كي أستطيع أن أصوغه بشكل جيد، لكنها شتات أفكار متفرقة محصلتها تعطي رد أكثر منطقية من الكلام العاطفي بتاع "المثقفين" غير المستند على حقائق التاريخ من أن كل تحركات المسلمين هي جهاد الدفع في الأصل او تلبية لطلب الجماهير المضطهدين و ان السيف دة كخ و مش عارف ايه

--
خلاصة الفكرة: ان التدافع في الأرض هي أحد السنن الكونية التي هي من طبائع المجتمعات البشرية، و أن اي قوة ناهضة تسعى بالضرورة للتمدد و التوسع - و الذي يأتي في الغالب على حساب القوى الأخرى الأضعف - و لو لم تفعل هذه القوة ذلك ستنهض الأضعف لتدفعها و تحل مكانها

حدث هذا مع جميع المجموعات البشرية على مدار التاريخ منذ أن كانت جماعات صغيرة ثم أقاليم أو قبائل حتى تبلور مفهوم الدولة في الحضارة المصرية و استمر هذا التدافع عبر جميع الحضارات من اليونانية حتى الأمريكية الآن

ولكون التدافع سنة كونية وفطرة مجتمعية أن يسعي القوي للازدياد قوة و تمددا و ثروة، جاء الإسلام لا ليمنع هذا التدافع و لكن لينظمه و يتسامى به إلى غايات نبيلة و مقامات رفيعة أولا ثم تقنين تفاصيله بقواعد صارمة تمنع الجور و الظلم و العدوان ثانيا

وبالتالي تحل الدعوة و نشر و الإسلام و إبلاغ العالمين محل القهر و استعباد الناس و الاستعمار و نهب الثروات، و يحل الرفق بالصغير و المرأة و العجوز و العابد و الحيوان و غير المقاتل و الأسير محل القتل و النهب و الغدر بالأسرى و الذبح الجماعي

فبنظرة شاملة لتاريخ البشرية جمعاء لا تخلو حضارة ما من أن تكون بنيت على حروب و أنقاض مدن هدمت و أشلاء بشر قتلت و بجار دماء أريقت - و كل ذلك من تدافع لم يكن له رابط ولا زاجر حتى جاء الإسلام لينظم هذا كله

لذلك عندما أدافع ، أدافع عن هذا الأصل دون أن أنفي سنة التدافع نفسها، و ساعتها لا أحتاج بالضرورة أن ألجأ لتجاهل حقيقة أنه ليس كل حكام المسلمين - على مدار فترة الحكم العضود الطويلة - كانوا يقاتلون دون أن تكون لهم أطماع توسعية ورغبات في مد مناطق نفوذ على حساب دول أخرى - لكن الفرق هنا أن القواعد التي رسخها الإسلام في أتباعه كانت الحائل دون أن تنتهي حروبهم إلى همجية و وحشية غير المسلمين من الحضارات السابقة أو التالية

وتستطيع و أنت مطمئن أن تواجه أي مهاجم لتاريخ المسلمين علماني كان او غربي بحقيقة أن يقوم بإحصاء ضحايا حرب واحدة من حروب اي حضارة اثناء قيامها من الغزوات الرومانية حتى الحرب الاهلية الامريكية او اثناء تدافعها مثل الحروب الصليبية و التترية إلى الحربين العالميتين، أن يقارن أي من هذه كلها بمحصلة مجموع كل ضحايا و خسائر الفتوحات الإسلامية قاطبة على مدار تاريخها الطويل و ينطر بم يرجع من نتيجة

وإذا لاحظت ستجد أن اي حرب تحاول ان توجد لها فكرة او هدف سامي او شعار إعلامي جذاب تستطيع أن تتخذه كذريعة و مبرر و أداة لحشد الحشود و ٌإقناع الجماهير بما هم مقدمين عليه من أمر الحرب - مثل إنقاذ أورشليم و تأمين طريق الحج عند الصليبيين، أو نشر السلام و الديمقراطية عند الأمريكان، أو مجرد في سبيل الملك أو الفرعون أو الزعيم نصف الإله.

لكنها -تلك الشعارات- في النهاية غايات كاذبة لا تستطيع أن تصمد في وجه الحقيقة المفزعة عندما يجد الجنود أنفسهم يهربون من المواجهة فلا يساعدهم تصديق الوهم في الصمود حين يشعرون أنهم يقاتلون من غير قضية في الواقع حين تتجلى لهم التناقضات، ولذلك تجد الجنود الأمريكان مثلا مصابون بحالات نفسية شديدة في حين يصمد القتلة المأجورون (كجنود بلاك ووتر) الذين يعرفون أن مهنتهم هي الإجرام و أنهم يخاطروا بحياتهم راغبين أمام مقابل مادي آني فاحش يستحق المخاطرة ويسوغ بذل كل دنئ ، وليس مقابل رسالة أو غاية

في مقابل ذلك تصنع الفكرة المعجزات في فتوحات المسلمين التي يضبط إيقاعها القوانين النظمة و الصارمة و تقودها الغاية النبيلة و الفكرة و الوعد الذي في رحم الغيب بالفوز في قضية رابحة دائما بغض النظر عن النتيجة - وساعتها لا يهم ماذا يهدف صاحب الفتح ولا من هو أصلا طالما بقيت الفكرة، حتى وإن كان من يقودها الحجاج مثلا

--
ختاما، لا أظن أن كل ما ذكرت يمكن أن يطلق عليه "خلاصة" كما قلت في البداية، لكنها مجرد فكرة ربما تنزع إلى نظرة أكثر الواقعية بعيدة عن المثاليات الحالمة و كلمات المحبة و شعارات السلام، لكنها بالتأكيد تحتاج إلى إعادة صياغة و مراجعة و ربما إعادة نظر.


----------------------------------------- Original Message -------------------------------------------------

http://www.islamstory.com/%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D9%81%D8%AA%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AF%D9%84%D8%B3

 

د. محمد عمارة

لماذا               فتح المسلمون الأندلس ؟هناك سؤال يبدو محرجًا يوجهه الغربيون والمتغربون إلى الإسلاميين، وفيه يقولون: سلمنا أن سبب الفتوحات الإسلامية هو إزالة إمبراطوريات الاستعمار والقهر الحضاري -الرومانية والفارسية- التي استعمرت الشرق وقهرته دينيًّا وحضاريًّا، وهو إزالة إمبراطوريات الاستعمار والقهر الحضاري الرومانية والفارسية لكن.. ما سبب فتح المسلمين للأندلس في شبه الجزيرة الأيبيرية ولم تكن جزرًا من الشرق.. ولم يكن فيها رومان مستعمرون؟!

 

وللإجابة على هذا السؤال الذي يبدو منطقيًّا ومحرجًا.. ولتفسير الأسباب المنطقية والتاريخية التي وقعت وراء الفتح الإسلامي للأندلس.. لا بد من فهم الصراع الديني في صفوف النصرانية في القرون التي سبقت ظهور الإسلام؛ فمنذ القرن الرابع قبل الميلاد احتدم الصراع بين أنصار عقيدة التثليث والصلب وتأليه المسيح وهي مسيحية بولس التي تبنتها الدولة الرومانية ومجامعها الدينية، وبين النصرانية الموحدة التي تزعمها وأصبح عنوانًا عليها الأسقف السكندري آريوس (256- 376م) والتي تقول: إن الله جوهر أزلي أحد، لم يلد ولم يولد، فكل ما سواه مخلوق، حتى الكلمة، هو كغيره من الكائنات مخلوق من لا شيء، وليس من جوهر الله في شيء، فليس إذن "هو الله، ولا من جوهر الله".

 

ومع الانتشار الواسع الذي حققته الآريوسية في الشرق.. ورغم الاضطهاد الذي لاقته من المثلثة الرومان -الملكانيين ومن المثلثة الشرقيين اليعاقبة بزعامة "إثناسيوس" (295- 373م)- فلقد امتد انتشار النصرانية الموحدة الآريوسية إلى أوربا.

 

ففي سنة 341م اختار الملك "أوزيت دي نيكوميدي" المبشر القوطي - الإسباني "فولفيلا" ليكون مطرانًا للنصرانية الآريوسية، ثم دخلت هذه النصرانية الآريوسية الموحدة إلى "إلبري" على نهر الدانوب، وكذلك اعتنقتها أغلبية الشعوب الجرمانية.

 

وفي شبه الجزيرة الأيبيرية -إسبانيا والبرتغال- انتصر الملك "أوريك" سنة 476م وقطع علاقاته بالإمبراطورية البيزنطية، فانتشرت الآريوسية في شبه الجزيرة الأيبيرية، وتدينت بها جماهيرها.

 

وعندما ارتد الملك "ريكاريد" (586- 601م) سنة 587م عن الآريوسية ثار الآريوسيون ضده وضد المسيحية المثلثة، واستمرت هذه الثورة في إكاتولونيا ونارجونيز على امتداد قرن من الزمان.

 

وعقب إحدى المجاعات قام المسيحيون المثلثة تنصيب الملك "روديك" ملكًا على شبه الجزيرة الأيبيرية، وعندما غزا "رودريك" الأندلس -الجنوب- اصطدم بالمطران "أوباس" مطران إشبيلية، فثار شعب الأندلس الآريوسي ضد الملك المثلث "رودريك".

 

خريطة               فتح الأندلسوإبان هذه الثورة الأندلسية الآريوسية، طلب السكان الموحدون المساعدة من الآريوسيين المتحدين معهم في العقيدة النصرانية، وطلبوها كذلك من البربر مسلمي الريف المغربي على الضفة الجنوبية من البحر المتوسط، وهنا هبَّ المسلمون بقيادة طارق بن زياد سنة 711م لنجدة النصارى الموحدين بالأندلس، وأثناء معركة "غوادليت" -قرب قادس- انضم مطران إشبيلية "أوباس" إلى الجيش المسلم، وكذلك فعل أسقف توليدون "سانديريد".

 

وبهزيمة الملك المثلث رودريك ثبَّت المسلمون أركان الحرية الدينية في الأندلس، وتركوا الناس وما يدينون، فعاشت النصرانية الموحدة مع التوحيد الإسلامي في ظلال الحضارة الإسلامية الأندلسية نحوًا من ثمانية قرون.

 

ثم جاءت نهاية هذه الحضارة على يد الكاثوليكية المثلثة بقيادة "فرديناند وإيزابيلا" عندما أسقطت غرناطة سنة 1429م، فسحق التوحيد -الإسلامي النصراني، واليهودي وكذلك- في تلك البلاد، التي استدعى أهلها المسلمين الموحِّدين لنصرتهم على أهل التثليث!!