Friday, September 24, 2010

عشاء مفاجئ مع جمال مبارك

لا أدري من أين يأتي كتاب القصة و الروائيون بهذه الملكة و القدرة على رصد و تحليل دواخل و أبعاد النفس البشرية و مكنوناتها بتلك الصور الرائعة التي يقدمونها دون أن يكونوا بالضرورة من دارسي علوم النفس و الاجتماع في موهبة ربما يفتقر إليها المربون و المصلحون كأولى خطوات أي محاولة تقويم أو إصلاح سواء للفرد أو المجتمع ككل.
-------------------------------------------

علاء الاسواني يكتب: عشاء مفاجئ مع شخصية مهمة - الشروق

دعانى أحد الأصدقاء إلى العشاء فى مطعم شهير يقع فى مركب على نيل الزمالك. جلست مع صديقى إلى المائدة المحجوزة لنا.

سارع الجرسون إلينا مرحبا وسألنا اذا كنا نود أن نشرب شيئا قبل الأكل.. طلب صديقى عصير ليمون بينما طلبت أنا زجاجة بيرة مثلجة بدون كحول، تبادلنا بضع كلمات ثم بانت الدهشة على وجه صديقى. اقترب منى وهمس:

ــ يا نهار أبيض.. عارف من هنا..؟

ــ من..؟

ــ جمال مبارك..

أدرت رأسى ببطء لأراه. لاحظ صديقى انفعالى بهذه المصادفة فقال:

ــ تحب تقعد مطرحى عشان تشوف أحسن..؟

كان العرض مغريا. جلست مكانه فرأيت جمال مبارك جالسا مع زوجته السيدة خديجة، كان يرتدى جاكيت كحلياً «بليزر» وقميصا أبيض بدون رابطة عنق بينما ارتدت زوجته ثوبا أزرق أنيقا، اندهشت لأننى لم أر حراسة حولهما... لم أستطع أن أرى الطبق الذى تأكل منه السيدة خديجة أما الأستاذ جمال فكان يأكل بشهية بيتزا نابوليتانا.

رحت أراقبهما بضع دقائق ثم حدثت المفاجأة. نظر إلىَّ جمال مبارك وابتسم، هززت رأسى محييا فأشار إلىَّ بيده أن أقترب... استأذنت من صديقى وتوجهت إلى مائدة السيد جمال لكننى فوجئت برجل تبدو عليه علامات الشراسة يعترض طريقى بجسده الضخم. لمحت طبنجة كبيرة معلقة تحت سترته، قال له السيد جمال شيئا لم أتبينه فتراجع مفسحا الطريق... ابتسم جمال مبارك وقال:

ـــ فرصة سعيدة.

ـــ أنا أسعد. 
ـــ على فكرة أنا وخديجة من قرائك.

ــ شىء يشرفنى.

جاء الجرسون فطلبت نصف دجاجة مشوية وبطاطس (بوم فريت) مع زجاجة بيرة أخرى مثلجة بدون كحول. سألت السيد جمال عن صحة الرئيس مبارك فقال بصوت خافت

ــ الحمد لله.

تكلمنا بعد ذلك عن المطعم، أبدينا نحن الثلاثة إعجابنا بمهارة صاحبه اللبنانى. كنت أغالب احساسا داخليا ملحا، غلبنى فى النهاية فقلت فجأة:

ــ يا أستاذ جمال. أشكرك على حفاوتك وكرمك. لدىَّ كلام لابد أن أقوله لك وأخشى أن أفسد هذا اللقاء اللطيف.

ــ تكلم براحتك.

ــــ الحالة فى مصر سيئة للغاية. لقد وصلنا إلى الحضيض.

تطلع إلىَّ بانتباه وقال:

ــ صحيح لدينا مشكلات كبيرة. لكن هذا الثمن الذى يجب أن ندفعه من أجل التنمية.

ــ أين هى هذه التنمية..؟

ــ لقد حققت الحكومة فى السنوات الأخيرة معدلات تنمية غير مسبوقة.

ــ مع احترامى لك.. أين التنمية التى تتحدث عنها اذا كان نصف المصريين يعيشون تحت خط الفقر..؟. ألم تسمع عن الشبان الذين ينتحرون من الفقر والبطالة..؟!

ــ كل هذه المشكلات لدينا دراسات مفصلة عنها فى لجنة السياسات..

ــ يا أستاذ جمال. معظم ما يردده المحيطون بك فى لجنة السياسات غير حقيقى. انهم انتهازيون وهم يدفعون بك إلى التوريث من أجل مصالحهم.

صمت جمال مبارك وبان عليه التفكير وقال:

ــ ماذا تقصد بالتوريث..؟!

ــ أن ترث الحكم من الرئيس مبارك.

ــ أليس من حقى أن أمارس السياسة مثل أى مواطن.. اذا رشحت نفسى للرئاسة ثم فزت فى الانتخابات هل يكون ذلك توريثا.؟!.

ــ أنت تعلم جيدا أن الانتخابات فى مصر صورية ومزورة.. هل ستكون فخورا اذا وصلت إلى رئاسة مصر بالقمع والتزوير..؟!

ــ الانتخابات فى الدنيا كلها لا تخلو من تجاوزات.. كما أعتقد أنك تبالغ فى مسألة القمع هذه...

ـ يا أستاذ جمال.. هل تعيش معنا فى نفس البلد..؟!. هناك فرق بين التجاوزات والتزوير المنظم الذى يحدث فى مصر.. أما القمع فيكفى أن تدخل على الإنترنت لترى قصصا محزنة عن الاعتقال والتعذيب والقمع الذى يتعرض له المصريون.. هل سمعت عن خالد سعيد الذى قتلته الشرطة فى الإسكندرية..

قالت السيدة خديجة:

ــ لقد حزنت جدا من أجل هذا الشاب

قال السيد جمال:

ــ لقد أصدرت تصريحا طالبت فيه بأن تأخذ العدالة مجراها.

ــ ما فائدة هذا التصريح..؟ المطلوب الغاء قانون الطوارئ الذى يتم فى ظله تعذيب آلاف المصريين.

وضع جمال مبارك الشوكة والسكين بجوار الطبق وشرب جرعة من عصير البرتقال الموضوع أمامه.. ثم قال فجأة بصوت مرتفع:

ــ الكلام سهل والفعل صعب.. أنت وظيفتك أن تكتب قصصا ومقالات. أما أنا فأعمل 12 ساعة فى اليوم من سنوات من أجل اصلاح البلد.

انزعجت من تغير لهجته لكننى قررت أن أمضى إلى النهاية. قلت: 
ــ أولا الكتابة مهنة صعبة جدا. ثانيا حتى لو كنت تبذل مجهودا كبيرا، المهم نتيجة هذا المجهود.. اسمع يا أستاذ جمال.. ما صفتك التى تعمل بها..؟

ــ أنا أمين لجنة السياسات فى الحزب الوطنى الديمقراطى..

ــ وهل كنت ستحصل على هذا المنصب اذا لم تكن ابنا لرئيس الدولة..؟

تطلع إلىَّ بغضب واضح وأحسست لأول مرة أنه ندم على دعوتى إلى مائدته، ابتسمت السيدة خديجة ونظرت إلى زوجها لتخفف من توتره لكنه قال بصوت مرتفع:

ــ من حقك طبعا أن ترى أننا لم ننجز شيئا فى لجنة السياسات.. لكن الحمدلله أن ما فعلناه يقدره الكثيرون.. داخل مصر وخارجها.

ــــ أين هذا التقدير الذى تتحدث عنه.؟!.

ان رؤساء تحرير صحف الحكومة يمدحونك لأنك ولى نعمتهم. الفقراء الذين يحتشدون لاستقبالك فى جولاتك يتم جمعهم بواسطة الحزب الوطنى وأجهزة الأمن. أما الصحافة العالمية فهناك انتقادات جادة لفكرة التوريث.. هل قرأت ما كتبه جوزيف مايتون فى جريدة الجارديان العام الماضى..؟

ـــ قرأته.

قالت السيدة خديجة:

ـــ ماذا كتب..؟!

التفت جمال مبارك اليها وقال:

ــ لقد كتب جوزيف مايتون إننى لا أصلح اطلاقاً كرئيس وإننى أمثل كل ما هو خطأ فى مصر.. حسناً.. هذا رأيه.. هناك صحف عالمية كثيرة تكتب عنى أشياء منصفة..

ــ للأسف فإن أكثر الصحف احتفاء بك هى الصحف الاسرائيلية.. ألم تفكر فى سبب ذلك.؟!. ان المديح المطول الذى كتبته عنك جريدة معاريف الاسرائيلية هذا الأسبوع يستحق التأمل

ــ ماذا تقصد..؟

ــ هل تعتقد أن إسرائيل تريد الخير لمصر..؟!

بادرت السيدة خديجة قائلة:

ــ لا طبعا.

فكر جمال مبارك قليلا وقال:

ــ لو افترضنا أن نية إسرائيل دائما سيئة.. ماذا تريد أن تقول..؟!.. هذا الإلحاح الاسرئيلى من أجل توريثك للحكم انما يعكس فزع الإسرائيليين من تطبيق الديمقراطية فى مصر..

انهم يدركون جيدا أن مصر تملك امكانات دولة كبرى ولو حققت الديمقراطية فسوف تنهض وينهض معها العالم العربى.. ولذلك فهم يدافعون عن التوريث حتى تظل مصر فى أسوأ أحوالها..

تنهد جمال مبارك وقال وهو يستعد للنهوض:

ــ عموما فرصة سعيدة.

ــ قبل أن تنصرف لدى سؤال أخير.

ــ بسرعة من فضلك.

هل تحب مصر يا أستاذ جمال..؟!

ــ طبعا

- ان حب مصر يحتم عليك أن تغلب مصلحتها على مصلحتك..ـ أريدك أن تعدنى الآن بأن تتخلى نهائيا عن فكرة التوريث وتعمل مع المصريين من أجل الاصلاح الديمقراطى...

نظر إلىَّ جمال مبارك وراحت شفتاه تتحركان لكن صوته انقطع فجأة وسمعت طنينا مستمرا ثم أضاء المكان بضوء مبهر، فتحت عينى بصعوبة فوجدت أمامى زوجتى وهى تحمل برطمان عسل النحل كعادتها عندما توقظنى فى الصباح.. ابتسمت وقالت:

ـــ صباح الخير.

ــ صباح النور.

ــ مين الأستاذ جمال ده اللى كنت بتكلمه وأنت نائم

ــ جمال مبارك. أصلى اتفقت معاه على تأييد الديمقراطية.

ضحكت زوجتى وقالت:

ــ جمال مبارك يؤيد الديمقراطية مرة واحدة..؟.. طيب.. اصحى وافتح بقك.

فتحت فمى وتناولت ملعقة كبيرة من عسل النحل.

Friday, September 17, 2010

طل الملوحي

من نظام يخشى من كلمات طالبة في موضوع تعبير إلى نظام يخشى من كلمات طالبة آخرى على صفحات الإنترنت ينطبق عليهما قول سليمان الحكيم عن نفسه حين كان طالبا أيضا: إن النظام الذي يمكن ان يقلبه "عيل " هو نظام مقلوب بالفعل ولا يحتاج الا لمن يعدله
----------------------------------------------------------------------------
http://talmallohi.blogspot.com/
----------------------------------------------------------------------------

 بينما يسير العالم إلى الإمام نحو مزيد من الحريات والإنفتاح حتى في دول أستقلت الاسبوع الماضي مثل مكرونيزيا , يصر حكام العرب ان يضربوا الامثال  في قتل الإبداع  وتحريم التفكير وتجريم حرية التعبير, وكأن العرب مخلوقات غريبة ليس لها الحق في أن تفكر أو تتكلم , آخر هذه الفصول المثيرة للإشمئزاز قضية سجن عروس سوريا والعرب طل الملوحي . 

          لمن لا يعلم فهذه الفتاة الحمصية  ذات الأسم الجميل   كان لها مدونة على الانترنت وقام رجال المخابرات الأشاوس بإعتقالها وزجها بالسجن منذ ثمانية أشهر ومنع أهلها من زيارتها وحتى معرفة أي شيئ من أخبارها , إلى هنا والقصة عادية فجريمة التفكير يعاقب عليها القانون في كل بلاد العرب , الفرق هنا أن طل كانت إبنة 18 عاما وتستعد لأمتحانات الثانوية  عند إعتقالها , فدولة البعث التي أشبعت الدنيا زعيقا عن الصمود والتصدي والعدو الصهيوني تخاف من مراهقة في الثامنة عشرة قادتها الأقدار لأن لا تكون مطربة  ولا راقصة لهلوبة كي تتباها وترعاها دولة البعث وأنما كائن بشري له روح وأحاسيس عبرت عنها بكتابات مسالمة و لطيفة تماما كما يفعل الملايين من الشباب في دول العالم غير العربية فكان مصيرها السجن وبلا محاكمة فهي لا تستحقها بعكس اللصوص والقتلة ومهربي المخدرات الذين لن يسجنوا من دون تهمة ولا قاضي .

          أي نظام هذا لا يملك ذرة من حياء ولا نخوة يرتعد من كتابات فتاة صغيرة , والأغرب أن كل مدونتها ليس فيها تهجم على الدكتور بشار الذي درس في بريطانيا وسار في الهايد بارك وعرف معنى حرية التعبير ثم عاد إلى سوريا كي يطبق نظاما أنقرض مع الدينصورات ,ولو كان هنالك سبب آخر لإعتقالها فلماذا لا تعلمنا سلطة البعث ما هو وتجري لها محاكمة  بدل إخفائها , لماذا  نحن العرب من دون غيرنا إبتلانا الله بأنظمة لا تحترم البني آدم ولا تقيم له وزنا و هذا الدكتور الذي له صفحة على الفيس بوك يمنع الموقع في سوريا كلها في تناقض تتميز به أنظمتنا العجيبة عن دون كل الكون , فالتصفح في الانترنت حرام والكتابة حرام والرسم حرام إلا إذا كان لوحة عملاقة تحمل صورة الدكتور وابيه وتتكلم عن الوحدة والحرية  والإشتراكية , طبعا الحرية المقصودة هي حق الشعب في تغيير الدستور خلال ربع ساعة كي يتولى الأبن الحكم وهو دون السن الدستوري بعد موت الآب .

لقمان الحكيم - عرب تايمز