Thursday, November 13, 2008

حين يكون الواقع أبلغ سخرية من الخيال

قبل أكثر من عشر سنوات، كنت قد دعيت وصديق لحضور حفل زفاف أحد المعارف، في ذلك الوقت من نهايات القرن الفائت حين كانت ما تزال الأفراح "العادية" - قبل ظهور ما يسمى الـ DJ - قوامها "فرقة" تتولى دور إحداث الصخب الملائم للحدث - بمساعدة مكبرات الصوت الضخمة - من غناء و استعراضات و خلافه - غير أن ذاك الفرح كما قيل لي وقتها، "مختلف".
 
تفاءلت خيرا ساعتها في انتظار هذه التجربة المختلفة - حتى أنني لم أستصحب معي سدادتي الأذن اللتين ترافقاني عادة في مثل تلكم المناسبات الصوتية سواء كانت أفراح أو مآتم لحين إيجاد وسيلة للفرار من القاعة أو السرادق والنجاة برأسي وطبلتي أذني من الصداع و الطنين.
 
غير أني ما وجدت فارقا كبيرا في الواقع، كل ما هنالك كان اختلاف ظاهري في تنظيم صفوف الكراسي صفين للرجال و السيدات كما الأفراح في الصعيد، لكنه في النهاية فرقة و مكبرات صوت زاعقة أيضا و نفس الصداع و نفس الصخب مع اختلاف فقط في الكلمات رغم أنها تنويعات على نفس كلمات الأفراح "العادية" ثم يقولون "أفراحنا دي إسلامية" ربما لأنه تم ذكر "الله" فيها عدة مرات و الصلاة على رسوله عليه الصلاة و السلام في الفواصل بين الفقرة و الأخرى - رغم أن الأفراح "العادية" (و التي صارت الآن تستهل بالأسماء الحسنى أيضاً) لم تكن بتلك "الجاهلية" التي تقابلها تلك الأفراح "الإسلامية" - حتى أني قلت لصديقي وقتها ساخراً أن هذا الفرح ينقصه شئ واحد فقط: رقاصة محجبة!
 
كنت أتصور أن هذا شطحا ساخر بالخيال قبل أن يأتي الوقت الذي انتشر فيه حجاب غطاء الرأس و قبل أن تتغير عادات الأفراح التي صار المعازيم والعروسين هم من يحيوها راقصين أزواجا أو جماعات مع الالتزام بحجاب الرأس الكامل الذي لا يظهر خصلة شعر واحدة، وربما لا مانع من تغطية الوجه أيضا في المستقبل!

No comments:

Post a Comment