Sunday, July 26, 2020

عن نعمة العبادة إذا استطعت إليها سبيلا

حتى العام الماضي، كانت فرصتك أن تكون من المحظوظين الذين ينعم الله عليهم بحج بيته الحرام كل عام أكثر قليلا من واحد في الألف (بافتراض 2 ونصف مليون حاج في العام و2 مليار مسلم)، أما الآن فلن تتجاوز هذه النسبة 5 في المليون، تمثل العشرة آلاف الذين تم اختيارهم بالفعل - هنيئا لهم - من بين مئات الآلاف الذين سمح لهم بالتقدم من سكان الممكلة ومن بين الملايين من خارجها الذين لم يتح لهم أي فرصة بأي ثمن ولا حتى باقتراع عشوائي بسبب الوباء العالمي.

الصورة:

ليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها تعطيل أو قصر المشاركين في شعيرة الحج. فعبر التاريخ الإسلامي حرم المسلمون أو فئات منهم من أداء الفريضة لأسباب متعددة.. صحية كما هي الحال الآن، كوباء الكوليرا قبل قرنين من الزمان وحتى الإيبولا قبل أربع سنوات الذي منع حجاج سيراليون وليبريا وغينيا من الفريضة.. أو لأسباب سياسية عبر أحداث مختلفة كهجوم القرامطة على الحرم، أو خلافات سياسية أخرى كما هو الحال الآن أيضا والذي منع مواطني دول إسلامية كإيران وقطر من الحج مؤخرا. وهو ما يعزز أهمية طرح تدويل الإشراف على الحرم الذي تتجدد المطالبة به وآخرهم من الشيخ الددو الشنقيطي، ولكن هذه قضية أخرى.

بخلاف الأحداث الكبرى، فقد رصد التاريخ حالات لكثير من أعلام المسلمين الذي حرموا من تأدية خامس أركان الإسلام، أشهرهم الإمام ابن حزم والكثير من علماء الأندلس وكل أمرائها تقريبا منذ الدخول الثاني للأمويين نظرا لسيطرة خصومهم العباسيين على الحجاز في البداية، ثم لمخاطر الطريق الطويل وقطاع الطرق وسيطرة الصليبيين على الشام بعد ذلك حتى وصلت لدرجة تأثيم من يخاطر برحلة الحج وفق فتاوى لابن رشد والطرطوشي. وحديثا قام الشيخ ابن باز رحمه الله بالحج عن ابن حزم ضمن علماء آخرين أهدى ثواب الحج لهم أمواتا وفاءا لعلمهم وإن كان منهم من حج من قبل.

وإذا انتقلنا من أقصى غرب دولة الإسلام إلى مشرقها، فلا يختلف الأمر كثيرا، فإنه لم يرد عن أحد تقريبا من سلاطين العثمانيين أنه قد حج - ربما سوى قليلين جدا قد حجوا قبل خلافتهم - وذلك نظرا لبعد مقر الحكم الجديد عن قلب العالم الإسلامي أيضا مما يستغرق شهورا يبتعدون فيها مركز الحكم وإدارة أمور الدولة وسط قلاقل متتالية ولسيطرة المماليك على الحجاز في أحيان أخرى. وكان الحال كذلك لكثير من خلفاء العباسيين والمماليك والفاطميين والأيوبيين قبلهم. وقد رصد المقريزي في كتابه "الذهب المسبوك فيمن حج من الخلفاء والملوك" تاريخ ذلك كله فأحصى أنه لم يلتزم بالحج من كل دولة سوى الخلفاء الراشدين ثم 5 من أصل 14 خليفة أموي، ثم تناقص العدد أكثر وأكثر بعد ذلك، وإن كانوا يحرصون على أن يوفد أكثرهم نائبا أو وزيرا يقود بعثة الحج كل عام.

فربما كنت فيما سبق أكثر حظا من كل هؤلاء باستطاعتك أن تحج دون ظروف قاهرة أو أقدار حائلة أو غفلة صارفة، لكنك ربما كنت تسوف وتؤجل لسبب أو لآخر دون أن تجرب حظك وتسعى قبل أن تُمنع حتى من فرصة هذه المحاولة الآن. من كرم الله عليّ أن منحني هذه النعمة بفضله بعد 7 سنوات من المحاولة عبر سبل مختلفة من جمعيات وشركات سياحة وقرعة الحكومة، وكنت أتعجب كثيرا ممن ينصحني بتغيير أولوياتي وعدم الاستعجال وكأن الواحد منا يضمن عمره أو حتى استطاعته لاحقا. وها هو جرثوم صغير يأتي من حيث لا نحتسب فيقلب حياة العالم أجمع ويحرمنا من نعم كنا نظنها متاحة أبدا، ويمنعنا من فرص عبادة كانت متاحة، فلا صلاة جماعة ولا عيد ولا قيام رمضان ولا جمعة ولا حج. وقد كان كل هذا متاحا من قبل للكثير ممن يستطيع. لكن أحيانا لا يشعر المرء بنعم الله إلا بعد أن تسلب منه.

أخيرا بعد حوالي 3 شهور قد عادت نعمة صلاة الجماعة، ولدهشتي وجدت المسجد ممتلئا بنفس العدد أو ربما أكثر من قبل الإيقاف، وكنت أظن أن اعتياد الصلاة في البيت قد يجر الناس أكثر للتكاسل وعدم العودة للمسجد، لكن عودة فرصة الطاعة بعد حرمان كان أقوى ولله الحمد. وكنت أتعجب قبلها أيضا من حرص القائمين على المساجد من المحافظة على شعيرة الأذان وقت كل صلاة، رغم غلق المسجد بعدها وعدم الصلاة، فلا أهمية عملية لها مع سهولة معرفة الناس لتوقيتات الصلاة، لكنه الحرص على تكبد جهد الحفاظ على عبادة الأذان في حد ذاتها التي ظلت متاحة، فلله درهم. وذلك ناهيك عن ظاهرة العديد من النسخ المصغرة من دور الأرقم التي ظهرت وسط الأحياء السكنية لأهالي يجمعون أنفسهم ليؤدون الصلوات والجُمع معا محافظين على الشروط الصحية معوضين بذلك غلق المساجد الذي لم تتحمل قلوبهم المتعلقة بها تقبله.



وقت أن كانت كل العبادات متاحة، لاحظت ظاهرة لدى بعض الأصدقاء تتراوح بين تململهم الشديد من صلاة الجمعة - نظرا لرداءة الخطب والخطباء - وبين من يصليها على مضض متأخرا قدر الإمكان حتى يحلق بالكاد الركعتين، وتصل إلى العزوف الكلي عنها للأسف. لا أدري ما شعورهم الآن وقد حرمنا جميعا تلك الشعيرة كلها، فلا صار بإمكانك محاولة الإصلاح بدلا من الترك، ولا حتى البحث عن مسجد أفضل والاستماع لخطيب مختلف. فيما صديق آخر كان قد كتب ذات مرة فرحا مستمتعا بتجربته لصلاة العيد لأول مرة منذ سنوات كثيرة، فكنت لا أدري هل أهنئه على ذلك أم أشعر تجاهه بالأسى والشفقة على كل تلك السنوات التي حرم نفسه فيها من نعمة مبهجة كصلاة العيد تلك.

أخيرا، لعلك تلك الجائحة تكون تذكرة لنا بنعم كثيرة أخرى حولنا ما زلنا ننعم بها، وعبادت ما زالت باستطاعتنا لم نُحرمها، لعلنا نستزيد منها قبل أن يفوت الأوان!

Monday, October 22, 2018

يومان من التمشاء في درب سيناء 2

 كانت التدوينة السابقة مقدمة سريعة عن رياضة التمشاء في البرية، وسأحكي هنا أكثر عن تجربتي في رحلة درب سيناء المصغرة.

بعد اكتمال تجمع الفوج وحزم الأمتعة في السابعة من مساء الخميس 11 من مايو الموافق 26 من شعبان، بدأت 6 حافلات في التحرك من أمام قصر البارون بالقاهرة في (فيما تحركت حافلة أو اثنتين بعدها ليلا لمن سيلحق بالمغامرين من شرم الشيخ أو البحر الأحمر). كنا محظوظين في الحافلة الخامسة - رغم تقلب مزاج سائقها السيناوي الكهل وتبرمه سريعا إثر خلاف بسيط مع أحد الركاب حول تشغيل التكييف - فقد تحركنا بسرعة ولم نقف في أي من كمائن التفتيش العديدة - تلك التي قد تجعل رحلة من 5 ساعات إلى مدينة كنويبع تصل إلى 13 ساعة! - واجتزنا النفق أسفل قناة السويس بسلام و كذلك النقطتين الأمنيتين للجيش والشرطة بعده بقليل من التفحص شمل حوارا سريعا من إحدى الأجانب حول تأشيريتها وأخرى مصرية مسيحية وكشف عشوائي لبعض الحقائب استغرق وقت فك الأربطة وإنزال جميع الحقائب وصفها ثم إعادة حزمها أعلى الحافلة مرة أخرى بعد التفتيتش. حسنا كان ذلك بسيطا مقارنة بحالات أخرى يحدث فيها هذا الإجراء بضعة مرات طوال الطريق.

وصلنا الاستراحة الوحيدة الشهيرة على هذ الطريق المسماة "صقر الصحراء" في مدينة "أبو زنيمة" في الحادية عشرة والنصف وقد انتهى معظم الطريق وقاربنا على وصول محطتنا، وقد سبقتنا حافلة أخرى، فيما علمنا أن البقية قد تعطلوا قبيل النفق الذي تم إغلاقه وتوقف المرور فيه لأسباب غير معلومة. انتظرنا بعض الشئ حتى انضم إلينا دليل بدوي ليصطحبنا إلى مخيم المبيت في منطقة "سرابيط الخادم" التي وصلناها في الواحدة والنصف. فور نزولنا أطلق بعض الأجانب صيحات الانبهار والدهشة معبرين عن إعجابهم الشديد واحتفائهم ومعربين عن حماستهم وتأهبهم للمغامرة التي اعتبروها قد بدأت بالفعل.

التعريشة

 تم استقبالنا من البدو وبعض من وصلوا قبلنا ممن تحركوا من شرم الشيخ بترحاب شديد، حيث جلسنا في تعريشة مفروشة بالبسط وقدموا لنا أكواب الشاي الصغيرة ثم عشاء خفيف من الخبز وأطباق الحساء. ومن ثم تأهب الجميع إلى النوم، فيما انتظرت حتى صلاة الفجر، ثم غفوت حتى ما إن شرعت في الاستغراق في النوم أقلقني أصوات وصول الأفواج المتأخرة من الرحلة تباعا، ثم غلبني النعاس مرة أخرى حتى أيقظتني حرارة شمس الصباح، حيث فضلت النوم في الهواء الطلق خارج الخيمة.

المخيم من الخارج

خيام المبيت

قبل ذلك، في ليلة الوصول، كان أحد مشايخ القبائل قد ألقى كلمة ترحيب بسيطة أثناء تناولنا للعشاء، ذكر فيها نبذة مختصرة تاريخ المنطقة وعن سيناء عموما، والتي كانت تسمى بأرض القمر، لأنه يظهر فيها بشكل أكبر. ثم سميت بأرض الفيروز لما كان من تنقيب الفراعنة عن هذا الحجر الكريم فيها ومازال بها بعض آثارهم حتى الآن. ثم حكى عن حلم طازج كان قد رآه للتو حين غفا قليلا في التاسعة مساءا قبل وصولنا، حيث رأى أنه هو وزميل له كانا في تلك المنطقة الأثرية ووجدا أحجارا من الماس البيضاء النقية اللامعة بكميات كبيرة جدا، وهما يأخذان منها، مما فسره على أنه استبشار للخير بقدومنا :)

في الصباح بعد أن استيقظ الجميع وارتاح قليلا من وصل متأخرا، كان الإفطار جاهزا وقد شارك في إعداده شباب قبيلة العليقات المضيفة. بعدها بدأ الجميع في التأهب للرحلة بحزم الأمتعة الخفيفة وزجاجات المياه وارتداء الملابس الملائمة للجو والشمس. قبيل التحرك ألقى الشيخ مسلّم كلمة، وهو مرشد سياحي مثقف من قبيلة الترابين يجيد عدة لغات ويتفاعل مع الأجانب بسهولة، كما يتحدث معنا باللكنة القاهرية بسلاسة، فلا نجد صعوبة في فهمه مثلما يحدث أحيانا مع بعض البدو الآخرين. رحب بنا في حديثه وأعطى مقدمة سريعة عن مسارنا خلال اليومين، ثم ترك الكلمة لشيخ قبيلة العليقات صاحبة أرض نقطة الانطلاق والمنضمة حديثا للمسار بعد توسعه ليضم 8 بدلا من 3 قبائل فقط.


فلتبدأ المغامرة

قبل مائة عام أو أكثر، حين لم تكن وسائل النقل وخطوط التجارة قد تطورت بعد، كانت سيناء تشكل عصبا هاما للترحال والتجارة يربط بريا بين قارتين ويمر به العديد من القوافل وأفواج الحج سواء إلى مكة أو القدس. فكان هذا كله يشكل حركة دائمة وازدهارا لأهل سيناء وعاملا مشتركا لتعاون القبائل فيما بينهم لتيسير وخدمة هؤلاء الوفود. تغير هذا كثيرا خلال قرن، مما أضر بالحالة الاقتصادية لأهل سيناء، وأتاح عودة بعض الخلافات والنزاعات بين القبائل على الموارد المحدودة، لم يكن في منأى منها سوى القليل من المتاخمين للسواحل التي تعيش على السياحة.

لذا تعد مبادرة درب سيناء التي بدأت منذ عامين بتعاون ثلاث قبائل فقط وهم الترابين ومزينة وجبالية، ثم انضم لهم خمس آخرون وهم العليقات والصوالحة وأولاد سعيد والجرارشة والحماضة (مع قرب انتهاء التفاوض مع قبيلتين أخرييتين للانضمام وهما بني واصل وآخرى لا أذكر اسمها)، تعد ليست مجرد مبادرة سياحية لتنشيط رياضة التمشاء فقط، بل تتعدى أكثر من ذلك بكثير لما لها من تأثير يتعدى المردود الاقتصادي على أهل سيناء ليشمل الأثر المجتمعي الكبير في عودة تعاون القبائل وتضافرهم فيما بينهم في خدمة هدف مشترك يعيد الروابط بينهم من جديد. وهو إنجاز كبير يستحق الاحتفاء به بمفرده مثلما تم الاحتفال به في نهاية الليلة الثانية من الرحلة.

بدأنا التحرك من نقطة انطلاق المسار بتوسعه الجديد من سرابيط الخادم في صحبة عدد من الأدلة في مقدمة ومؤخرة الفوج الكبير مع عدد قليل من الجمال لحمل الزاد، فيما كان يتناوب كل من الشيخ مسلّم والشيخ فرج الشرح والحكي أثناء المسير، بينما تلتمع عيون السائرين عشقا للصحراء وتسري في أوصالهم طاقة تحركهم حتى ليكادوا يسبقون المنظمين.


أثناء صعود جبل سرابيط

قليل من احتاج استعمل عصا الـ hiking


معبد حتحور كان أول محطاتنا حيث يقع أعلى جبل سرابيط الذي يرتفع حوالي 250 متر بميل معقول غير متعب في الصعود. ويعد هذا الأثر الفرعوني الوحيد الباقي هنا الذي يثبت وصول قدماء المصريين إلى سيناء وعدم تركزهم حول الوادي فقط.
شواهد عليها نقوش فرعونية من عصور مختلفة في معبد حتحور

من حسن حظنا أن تنظيم الرحلة راعى كل التفاصيل بإتقان فلم يتم الاكتفاء باصطحابنا بأدلة البدو الخبراء في الدروب فقط، ولكن كان معنا أيضا الصديق مصطفى الخبير الجيولوجي المحنك والمغامر العتيد (وهو أحد مؤسسي المبادرة) الذي يستطيع أن يشرح لك بسلاسة تركيب وتفسير مختلف التكوينات الصخرية التي نقابلها وكيفية تشكلها وطبيعة ألوانها ليمكنك من تمييزها بسهولة. كما كان بصحبتنا أحد المرشدين المتميزين ومدير المنطقة من وزارة السياحة والآثار الملم بالعديد من التفاصيل التاريخية الدقيقة نقلها لنا ببساطة جعلتنا نعيش الأجواء حقا.
قبو صغير في جزء من المعبد

ولا يوجد بداخله شيء

كان مما حكى لنا أن سرابيط تعني عند السيناوية الصخرة الواقفة، كما هو حال تلك الهضبة المرتفعة. وتم اكتشاف تلك المنطقة والآثار بها من قبل الإنجليز أثناء تنقيبهم عن المعادن، وقد مهدوا أحد الطرق المؤدية لأعلى الهضبة وسمي بطريق الخواجة (إلى جانب طريق العير غير الممهد من الجهة الأخرى لكنه أسهل في النزول، ووادي خصيف)، ولكنهم مع الأسف أتلفوا ودمروا عدة آثار أخرى في "وادي المغارة" عند استخدام إحدي شركاتهم الديناميت لتفجير المنطقة لتسريع عمليات التنقيب (أو النهب)! وإلى جانب المعبد يوجد عدة مناجم قديمة كان الفراعنة يقوم بتعدين الفيروز منها، حاولنا دخول أحدها، حيث كان يشبه المغارة المعتمة بمدخل ضيق منخفض تنحني له كي تستطيع المرور بينما ينتابك شعور خاطف بالرهبة تلجأ فوره لكشاف الهاتف المحمول كي تتلمس طريقك القصير بالداخل وأنت تنتظر أن تصيح مثل علي بابا: "ذهب، مرجان، ياقوت، أحمدك يا رب!" لتفاجأ بخواء المكان على عروشه، فتستدير آيبا بسرعة قبل أن تنغلق عليك بوابة المغارة فجأة!
مدخل المعارة

لا يوجد كنز بالداخل 😁

مرت عدة أسر فرعونية على ذلك المعبد الوحيد المتبقي، ولكل منهم آثاره، فيما حمل اسم الإلهة حتحور (أو حوت حير) رمز الخصب والنماء، والتي كان من ألقابها: نبت مفقاط، أي سيدة التركواز. كما أن لها معبدا آخر في جنوب فلسطين أيضا، وهو يعد واحدا من 5 معابد فقط من المرحلة المتوسطة، أي حوالي 900 عام قبل الميلاد. يحتوي المعبد على مسلات صغيرة وعليها نقوش لملوك عدة أسر مثل أمنمحات الأول وسنوسرت الأول وأمنمحات الثاني وغيرهم حتى رمسيس السادس. فيما يوجد بوادي خصيف بقايا آثار ترجع لحضارة نقادة (التي كانت في قنا) قبل 2000 عام قبل الميلاد. قبل القليل من العقود كانت هناك مبادرة لترميم المعبد استغرقت 8 سنوات، لكنه مازال يعاني من الإهمال وعدم الاهتمام المطلوب حتى الآن، حتى لتجد شروخا واضحة وكسور حديثة في تلك الآثار كان يمكن المحافظة عليها!

بعد التجول والتصوير في جنبات المعبد الصغير وقبل التحرك نزولا من أعلى الهضبة، اطلعنا على الأفق من حولنا لنرى عدة معالم جغرافية وأودية تحيط بنا مثل هضبة التيه في الشمال وهي تصل بعرض سيناء من المنتصف ما بين خليجي العقبة والسويس وتفصل بين شمالها وجنوبها، والتي يعتقد أنها المنطقة التي أصاب التيه فيها بني إسرائيل 40 عاما. بالإضافة إلى جبل أم جرار التابع لمنطقة قبيلة الصوالحة، ووادي خريج، ووادي النصب الذي تقع به بئر ماء عذب وكان به عيون متدفقة ونبع سابقا، وأخيرا وادي الصحو الممتد إلى فلسطين.

أخذنا في النزول من الجهة الأخرى لنكمل المسير في الدرب المحدد وقد بدأت الشمس في الاشتداد قليلا، بينما كنا نصادف بين الحين والآخر أشجارا متفرقة مخضرة تدعوك للتسبيح وذكر الله رغم صلابة الأرض ووعورة التربة التي تجد الجذور بينها متنفسا، بالإضافة إلى غياب الماء وانعدام الأمطار في ذلك الوقت. من أنواع تلك النباتات التي قابلناها كان الحنظل، وهو نبات قصير له ثمرة كروية تشبه البرتقالة وذات فصوص أيضا، ولكنها جافة من الداخل وشديدة المرارة حتى على الجلد، ويشتهر عنها مثل "شربت المر من كيعانه"، وينصح بها لعلاج الركبة بطريقة معينة ولحالات خاصة، وكثيرا ما تباع عند العطارين.

الشيخ ناصر يحكي عن عشبة في يده أعطاني منها وكانت لها مذاق طيب عندما يتم مصها كالقصب أو السواك ولا أذكر اسمها

نبتة بصل جبلي صغيرة

من أنواع النباتات التي مررنا بها أيضا: العليجان ويسمى أيضا الزجوح (أو الزجول بلهجة قبيلة أخرى)، وهو مما ترعى عليه الإبل و الأغنام. كما رأينا عشبة كف مريم المميزة بأزهارها والتي لها فوائد عدة حيث يتم استخدامها بعد أن تنقع في الماء لفترة معينة، كما تتواجد في بعض العطارات أيضا. كما كان هناك نبتة العجرم والتي تستخدم في صنع الصابون، وقد قام أحد الأدلة البدو بقطع بعضها وحكها بصخرة في إناء حتى عصر منها المستخلص الطبيعي الذي يشبه الصابون السائل الذي استخرجه فوريا دون عمليات صناعة معقدة، وله أثر سريع في التنظيف بالإضافة لرائحته العطرية. وأخيرا قابلتنا بعض أشجار الأكاسيا المتناثرة هنا وهناك، والتي حكى البدو أنها حديثة هنا ولم تكن سيناء موطنها الأصلي، حيث جاءت براعمها مع أقدام الجمال القادمة من أفريقيا عبر قوافل مختلفة مرت هنا منذ 500 عام.

عنزة صغيرة ترعى وحدها

تحضير الصابون

كان للأدلة والمنظمين بعض التعليمات الإرشادية أثناء السير، مثل أن نشرب المياه باستمرار حتى قبل أن نشعر بالعطش، رغم هذا لم أستهلك حتى نصف الكمية من اللترات التي طلبوا منا حملها معنا وأثقلت ظهورنا بعض الشيء. ومثل ألا نرفع حجرا من مكانه أو نحرك أيدينا بين النباتات تجنبا لاستثارة كائنات حية ربما تكون مختبئة كالعقارب والثعابين. وقد أرانا أحدهم آثار ثعبان قد مر على الرمال منذ فترة وعرفنا تقديره لنوعه وطوله من طريقة التواء آثاره وطمأننا من عدم سميته.

ما زال الطريق طويلا

آثار زحف ثعبان صغير على الرمال

بعيد الظهيرة ومع اشتداد الحرارة، مررنا بفجوة في جبل تشبه الكهف الصغير، وكانت محطة استراحة طويلة في الظل حتى يذهب القيظ. كانت الجمال قد سبقتنا وتم فرش الأرض بالبسط وبدأ  شباب البدو في التجهيز لإعداد طعام الغداء. تناولنا الوجبة المكونة من الطبق الرئيسي المشهور لديهم من خليط الأرز مع العدس مع تنوع كبير من السلاطات، حتى التي تستغرق وقتا في إعدادها كالبابا غنوج الذي يتطلب شواء الباذنجان وإعداده جيدا، فضلا عن الخضروات، ثم الختام بفاكهة أيضا وبعدها الشاي المميز بالحبق. كان هذا كثير ومجهود أكثر من رائع فوق المتوقع ولكنهم كانوا يبذلونه بحفاوة وترحاب شديد ولا يدعونك حتى تحاول أن تساعدهم. استعددنا للتحرك قبيل العصر وقد خفّت الشمس بعد أن أكملت الجمال تناول بقايا الطعام المتبقي.

استراحة الظهيرة

شواء الباذنجان أثناء تحضير الطعام

الجمل يتناول الغداء

أكملنا السير حتى وصلنا محطة الليلة الأولى قبل غروب الشمس بعد نزولنا منطقة منحدرة بعض الشيئ تؤدي إلى سهل منبسط به المخيم الذي سنبيت فيه في تلك الليلة. قبلها كنا قد مررنا بعدة صخور وتباب صغيرة تحمل نقوشا لآثار نبطية، وعليها كتابات معينة فسرها لنا المرشد السياحي في حينها. في الليل كانت هناك وجبة العشاء ثم الاحتفال بتدشين هذه المرحلة من درب سيناء بتعاون 8 قبائل حضر ممثل عن كل منها وألقى كلمة قصيرة تشيد بالمبادرة وترحب بالضيوف وتثني على القبائل الأخرى، إلا أنه أحزنني فقط إشارة أحدهم وسط كلمته واحتفائه بالإنجاز، أنهم ليسوا كإخوانهم في الشمال، في تلميح مليء بالأسى على حال أهلنا في شمال سيناء وما يعانوه من مآسي بين مطرقة الدولة وسندان الجماعات وفوضى التنظيمات فيما يشبه الحصار الذي لا يستطيعون معه العيش في حياة طبيعية.

صخرة منقوش عليها رسوم وكتابة نبطية

لعبت أضواء الكشافات والشموع دورا في إضفاء جو البهجة على الاحتفالية، وكانت المفاجأة طبق الحلويات من كرات الكيك بالشيكولاتة الذي تم توزيعه على الحضور أثناء الكلمة، وكان مذاقه رائعا بحق، ولا أدري حقيقة إن كان من صنع أيدي البدو، أم أن أحد المنظمين قد أتى به معه من القاهرة. كان الختام بعدها بحفل موسيقي أحيته فرقة بدوية بخليط من الأغاني المختلفة العادية والبدوية حيث شارك بعض الحضور بالرقص معهم، فيما أخذت بالابتعاد عن الصخب قليلا وإن لم يكن مزعجا.

ممثلو القبائل وصورة عقب كلمة الاحتفال

إبان منتصف الليل نام البعض سريعا وكان قد بلغ به التعب طوال اليوم مبلغه، فيما ابتعدت بمسافة بعيدا عن همهمات الصوت وبقايا الضوء في المخيم، برفقة صديقي الجديد الجميل محمد الذي شاركني هواية التأمل في السماء، وخاصة في تلك الليلة قرب نهاية الشهر العربي حيث تظهر النجوم على صفحة السماء بوضوح كما يبدو جزءا من ذراع المجرة لا يمكن ملاحظته ملطقا في ضوضاء وتلوث المدينة. تجاذبنا أطراف الحديث، كما تعلمت منه تحديد اتجاه القبلة بتحديد كوكب المشترى المميز بسطوعه والذي يكون جهة الشرق في ذلك الوقت من العام، مثلما تعلمت في الصباح من الشيخ ناصر تحديد القبلة بعد الظهيرة في تلك المنطقة بأن أجعل اتجاه شعاع الشمس ناحية حاجبي الأيمن، ومن ثم يكون وجهي ينظر تجاه القبلة.
حلوى الاحتفال

عدنا للنوم بعدها، وكنت قد ارتديت جلبابا أحضرته معي تماشيا مع الجو، فيما ارتاب بعض الأصدقاء ظنا أن أحد دخيل بينهم قبل أن يوقد معتز الكشاف ويفاجأ بي. فيما حدث موقف آخر عند استيقاظي للفجر وفزع أحدهم من أنه ربما هناك ثعلب يمر بجانبه وهو نائم. بينما قلق الجميع بعدها عندما أصاب أحدهم بعض الإعياء وظلت أخرى تبحث له عن طبيب بيننا ثم نقاش مطول مع صيدلانية أعطته دواءا من غير المفترض له تناوله.

مخيم مبيت الليلة الثانية يلوح في الأفق بينما يستريح البعض بعد عناء سير اليوم الأول

تناولنا الإفطار صباح اليوم التالي، ثم شربنا قهوة طازجة تم تحميصها وإعدادها للتو أمامنا قبل أن نستعد لإكمال المسير. كان المسار في اليوم الثاني أيسر  واستغرقنا فيه وقتا أقل بكثير، فرغم أن المسافة تقريبا متساوية فهي حوالي 12 كيلو متر لكل يوم، إلا أن اليوم الأول كان به مرتفعات ومناطق وعرة أكثر، بالإضافة للانتظار أكثر من مرة سواء في المناطق الأثرية أو عند راحة الظهيرة، أما اليوم الثاني فكان الطريق أبسط ولم نحتج إلى راحة، بل وصلنا مبكرا لتناول الغداء قبل الاستعداد للرحيل. كان بين هوفلر، والذي بدأنا نتعرف عليه فقط بنهاية اليوم الأول، يمر بيننا ليسألنا واحدا واحدا عن رأيه في التجربة وينصت لكل تعليق باهتمام شديد. بين هو المصمم الرئيسي للمسار وصاحب فكرة المبادرة والتي ظل يعمل عليها مع كريستينا ومصطفى وبقية الفريق من البدو حتى صارت بهذا الشكل. كان يسير بيننا ملثما كالبدوي حتى أطلق عليه أحدهم لورانس العرب ولم نعرفه إلا حين أشار إليه الشيخ مسلّم في حديثه.

تحميص البن وإعداد القهوة

قبل نهاية اليوم الثاني، تجمعنا في جميعا في ساحة منبسطة ممتدة على مدى البصر وانتظرنا من كان متأخرا في الخلف، وكانت إحداهن قد تعبت أثناء الطريق فأكملت الجزء المتبقي راكبة الجمل. حتى إذا وصل الجميع، قمنا بتشكيل دائرة بشرية كبيرة في قلب الصحراء من محبي سيناء.

قرابة المائة مغامر يدا بيد في حب سيناء

انتهت الرحلة وقد طبعت في الوجدان ذكرى لا تنسى، قابلت فيها العديد من المغامرين ومحبي الصحراء وتعرفت على بعضهم فضلا عمن كنت أعرفهم، بدءا من سيد سائق سيارة الدفع الرباعي البدوي الذي اصطحبنا من قبل في رحلة وادي عراضة والذي ما إن رآني حتى لقيني بترحاب شديد عارضا أي خدمة أو مساعدة قد أحتاجها، فانتهزت الفرصة لأسأله عن كيفية شحن الهاتف، قبل أن يعيرني أحدهم شاحنه فيما بعد. كما قابلت أبو يوسف الدليل البدوي الذي اصطحبنا في نفس الرحلة والتي كان من رفاقها أيضا معتز ومصطفى ورحاب وآن وريم التي تشاركني، بل تنافسني، في المبالغة في وضع الملح على الطعام. تعرفت على محمد رفيقي في ليلة التأمل في السماء، وجوزفين السكندرية الكفيفة الرائعة التي لم تصطحب معها أحدا في سفرها لوحدها. وكانت من رهافة الحس أن تلاحظ أن بيننا أحد الأجانب لتحول الحديث إلى الإنجليزية، حين كنت أتحدث معها عن مشروع العصا البيضاء الذي أشارك فيه، حتى لا يشعر الأجنبي بعدم إشراكه في الحوار. كان هناك من السياح والأجانب جنسيات مختلفة، فبالإضافة لبين الإنجليزي وكريستينا الإيطالية (وماريو أيضا لكنها لم تكن متواجدة) من المنظمين، فكان هناك ذلك الأمريكي الذي كان عائدا للتو من مغامرة أخرى في إثيوبيا، والفرنسيتان اللتان وصلتا من المطار إلى الرحلة مباشرة ولم يمكثا في القاهرة كثيرا، والفلبينية التي تعمل على رعاية الأطفال لدى أسرة مصرية وكانت في أشد الاستمتاع بهذه التجربة في إجازتها، لأنها معتادة على رؤية الجبال الخضراء فقط في بلدها! كما قابلت من الشخصيات العامة التي صاحبتنا في الرحلة الأستاذ نجاد البرعي ودكتورة منى البرنس، لتذوب ببساطة حواجز مصطعنة يضفيها الإعلام حول أي شخصية عامة بمواقف حدية لا ينبغي أن تكون كذلك، وهو ما يغيره التعامل الإنساني البسيط، أيا كانت اتفاقك أو اختلافك مع كل شخصية.

بين يطمئن على الضيوف

بالإضافة لكل هذه الأسماء والشخصيات من ذكرته ومن لم أذكره، فلا يمكن تفويت المضيفين الحقيقيين لهذا الحدث، وهم الشيخ مسلّم من الترابين، والشيخ فرج والشيخ ناصر من الجبالية، والشيخ فراج والشيخ مجد أبو فالح من المزينة، والشيخ مجد أبو سالم من الصوالحة، والشيخ إبراهيم ياسر أبو عبيد من صحو حمادة، والشيخ سالم من أولاد سعيد، والشيخ حسين أبو مصري من الجرارشة، والشيخ ربيع أبو بركات من العليقات، و أخيرا الشيخ سليم من البدارة في وسط سيناء والذي لقيناه مصادفة قبل نهاية اليوم الثاني، حيث أنه ينزل مرتين في الشهر للتزود لقبيلته التي تعاني من فقر الموارد، وكانت المصادفة السعيدة له أن لقي هذا الحشد جميعا وأصر الجميع على تقديم هدية له زادت من سعادته.

تأمل التكوينات الصخرية متعة وحدها

أخيرا، لا أستطيع أن أوفي الجميع حقه من الشكر على هذه المبادرة وذلك التجمع الرائع، وآمل أن يأتي اليوم الذي أخوض في تلك التجربة كاملة عبر كل بقعة في هذا الدرب.

(تغطيات إعلامية عن الحدث من بي بي سي و عربي بوست).

Friday, May 18, 2018

يومان من التمشاء في درب سيناء 1

 المشي في البرية، أو ما يعرف برياضة الهايكنج hiking، من الرياضات التي لا تلقى اهتماما كبيرا في الثقافة العربية المعاصرة، رغم جذورها الأصيلة في عمق التاريخ، وإن كانت بدأت تلقى بعض الزخم بين بعض أوساط المغامرين والمهتمين مؤخرا الذين يسعون بجد حثيث لنشر هذا النوع من السياحة في الطبيعة عبر عدة مبادرات واعدة.

من بين هذه المبادرات، تعرفت مؤخرا على مجموعة درب سيناء التي بدأت قبل سنوات قليلة واستطاعت في وقت قصير أن تخطط لأكبر مسار للمشي البري في المنطقة يغطي كافة مناطق جنوب سيناء ويمر عبر مناطق الثمانية قبائل الرئيسية هناك، بمسافة تصل إلى 550 كيلو متر يستغرق السير فيها كاملة 42 يوما.

صباح اليوم الأول في مخيم سرابيط الخادم

احتفالا بهذا المسار الجديد، الذي كان منذ عامين 220 كيلو عبر مناطق 3 قبائل فقط في 12 يوم، نظمت المبادرة رحلة مصغرة لمدة يومين تغطي جزءا صغيرا من هذا المسار، ويتعرف فيه الجميع على المبادرة والقبائل البدوية الجديدة المنضمة للتنظيم، وقد كنت محظوظا أن أكون أحد هؤلاء المشاركين من بين حوالي 100 مغامر آخر من جنسيات مختلفة يعشقون المشي في البرية (أو التمشاء اختصارا، وليس المشي الجبلبي كما يحاول البعض ترجمتها، فالهايكنج لا يقتصر على الجبال فقط).

جانب من الفوج مع بدو القبائل الثمانية قبل الرحيل

ليست هذه المرة الأولى التي أخوض فيها تجربة كهذه، فقد قمت بالتجوال في محمية وادي دجلة عدة مرات من قبل، كما سرت قليلا في بعض الوديان والجبال والأخاديد القريبة من مدينتي نويبع ودهب في ثلاث سفريات قصيرة، بالإضافة لصعود جبلي النور وثور بالمدينة المنورة في سفرتي الحجازية الثانية، وقبلهم كانت زيارات الصحراء الغربية في كل من الفيوم وسيوة والصحراء البيضاء قرب واحة الفرافرة بالوادي الجديد. في كل منهم تستقبل الطبيعة وتستقبلك كما هي بترحيبها وحفاوتها، كما بقسوتها وشدتها. فتفتح لك ذراعيها برحابة أفقها اللامتناهي، وتضيء لك الليالي بمصابيح نجومها الساطعة وتوهج مجرتها المتلألئلة، كما يشتد عليك قيظ هجيرها، وتزل أقدامك تحت وعورة صخورها.

لكل تجربة من هؤلاء مذاق مختلف، ولكن يجمعهم أنك تنفصل عن الحياة المدنية كلية بكل مشتتاتها وملهياتها، فلا اتصالات ولا شبكة موبايل ولا إنترنت؛ كما أنه لا زحام ولا تلوث ولا ضجيج. فقط نقاء بكر صافي يتيح لك التوحد مع الطبيعة والاستغراق في التأمل وقراءة كتاب الله المنظور، امتثالا لأمره "قل سيروا في الأرض"، وهي عبادة لا تقل أهمية عن تلاوة كتاب الله المسطور. فالتأمل في الكون والتفكر والتدبر في الخلوة والخلاء سنة الأنبياء من قبل، الذين ما من أحد منهم إلا وقد عمل بالرعي، ومارس السفر والترحال، أو انعزل عن الناس بعض الشيء في غار أو صحراء أو أعالي الجبال ليصفو ذهنه ويسبح في ملكوت الله كي يتلقى وحيه.

الصورة من رحلة سابقة في مخيم عين الحضرة قرب نويبع للمصور أحمد صبري من فريق Dusk فيما كانت النجوم هذه المرة أكثر سطوعا قرب نهاية الشهر العربي، لكن لم أستطع تصويرها بإمكانياتي المتواضعة بالطبع.

كما أنه مما يجمع هواة التمشاء على اختلاف ثقافاتهم هو عشقهم الفطري للطبيعة، وحرصهم الشديد عليها في كل مسار يقطعونه، وحفاظهم على عدم ترك أي أثر يضر بالبيئة الطبيعية وفطرتها، وهي ثقافة نفتقدها كثيرا في أماكن سياحية أخرى - كالشواطئ - فلا تكاد تخلو من ملوثات ومخلفات بلاستيكية وتشويه غير مسئول للطبيعة. فيما يمتاز هواة التمشاء بحس مرهف ووعي بيئي عال، وكان هذا مميزا جدا في تلك الرحلة تحديدا، حيث أن عدد الفوج بها كان كبيرا جدا مقارنة بأي رحلة أخرى، ورغم ذلك سعدت بنا الطبيعة التي تركها الجميع كما كانت، بل ربما أفضل أيضا، فكان الحرص على تنظيف أي آثار بعد كل تجمع، فيما كان يسقي بعضهم شجيرات هنا وهناك مما تبقى معه من مياه كان يحملها للشرب.

كانت هذه مقدمة سريعة، وسأحكي في التدوينة القادمة المزيد عن الرحلة باستفاضة أكثر.

Saturday, August 19, 2017

Never trust the cloud!

Story1: I thought saving my contacts on the cloud with Google synchronization would be better than keeping them locally on my phone and risking missing them if the device is lost.

Some of the contacts were duplicated due to communicating with them via many Google services (on the same account) like Gmail, Hangout, Google Talk. And because Google is not smart enough to combine them, I manually merged them into single accounts.

All of a sudden, 2 months ago, Google decided to kill one these services completely, which was Google Talk. What consequences do you expect from such move? We said Google is not smart at all..

The day the service was shut down, all my contacts that was merged with Google Talk accounts, all of them went away! I suddenly started finding many call logs and new calls from people I know showing only their mobile numbers without any associated names!

This took me a while with so many speculations and cursing Android till I found out non-revertible root cause and made the link with this such stupid Google move! But thankfully I could manually retrieve a bunch of these lost contacts by getting their names from our Whatsapp communications.

--

Story2: I had some contacts whom I call via both phone and Skype, so it came natural to synchronize these contacts, again for not having so many duplicates, and to have one contact card for each person having all his details.

But we all know that any product Microsoft acquires must be ruined and bugginess has to be one of its new natures; Skype is no exception. So the unstable mobile app is one thing I had to accept. But that was not only related to calls and voice quality.

Again, all of a sudden, I discovered that many contacts disappeared. Numbers without names. And also I spent a while to make the link that all these contacts were Skype ones!

Skype was not uninstalled or in need for an update. Just the session was in trouble at it automatically signed out. This was enough for it to make the contacts disappear and to be physically removed from my address book!

It took days to just accepts signing in again! But luckily I could retrieve many contacts and save them locally, with the help of Whatsapp too.

So, damn you Google and Microsoft! And thanks Whatsapp, but I still won't give my number to your parent Facebook or synchronize contacts with your brother Messenger!

Wednesday, May 24, 2017

Stagnation of not failing enough

It’s not monotony, it’s not fluctuating between ups and downs, it’s a zombie state out of the nowhere where you believe you can do anything, but actually do nothing.

Success brings more success, and failure either kills or strengthens you with more power to make a greater revenge success.

But what to do if you make a lot of halfway successes followed by a series of subtle failures? In every path you take, you achieve what proves you can reach the end, but you don’t! You get stuck with obstacles. You try. And try again. And then say: why not trying an alternate path? And the loop continues... 

In each path, you still have this little hope that you can do it... you don’t abandon one path in favor of the other... and you don’t reach the point of severe miserable failure to summon the power of starting over again! 

They always say it’s the journey that matters not the destination, but if your journeys are all half marathons, when will you complete the full marathon?


--------------------------------------------------------------
https://www.facebook.com/notes/10158060551074779/

(عن حرب الاستنزاف https://www.facebook.com/groups/1596547790585977/posts/2042056292701789/?__cft__[0]=AZXGfdHMzv8G6vGuSkZBy25gSOfuUKpQNsls8aBNiiAamzjnCYG-vAgvIifZvq3b4Ajwu0YRKGgn5qdC1cszpI_uf43chmWRDGG-vjAo2-3Ws3z0vNiCh-8uBgMgmNNs6RzEvm6gzEXfJX07K71Vmo2JAN012bx9lLjyjtK1RoYv300e_F8ofO3Q5Un6R3S2hzQ&__tn__=%2CO%2CP-R-R)


Thursday, March 16, 2017

عن ثقافة المقالب و التسريبات

عن المعزة و زكية زكريا و خاموتخا بريخر ومكالمة كنتاكي و فودافون و أشياء اخرى
طيب أنا عندي كلمة عايز أقولها بقى بمناسبة المعزة واللي بيربطها
عمري ما كنت مستسيغ أبدا فكرة برامج المقالب والسخرية من ردود فعل الناس إزاء موقف غير متوقع أو وضعهم في ضغط عصبي واختبار تصرفاتهم حيالها، خاصة مع تعمد فريق البرنامج أحيانا السخرية ليس من الموقف ولكن من ثقافة طبقة معينة من الشعب مثل "كوكو واوا" و "يا عاتشيف" تلك الجمل المشهورة في برنامج زكية زكريا (إبراهيم نصر) التي استغلها بعد ذلك طارق نور بغطرسة واستخفاف في أحد إعلاناته الاستهلاكية.
المهم كان من السهل جدا على منتجي تلك البرامج وطاقمها التنصل بسهولة من أي انتقاد أخلاقي بوضع موافقة الضحية في نهاية الحلقة على سؤال "نذيع ولا ما نذيعش؟" ذرا للرماد في العيون، فكان هذا عاملا في تسكين ضمائر المتلقين حتى يضحكوا ويقهقهوا دون أدنى تعاطف مع صاحب لو المقلب لو تعرضوا لمثل موقفه، فقد قبض الثمن من الشهرة حتى ولو صار مسخة وأضحوكة بمحض إرادته.
ساهمت برامج المقالب والكاميرا الخفية تلك في جعلها ثقافة أكثر انتشارا من مجرد خدع بسيطة بين الأصدقاء في أعياد الميلاد و الحفلات، بل صارت تجرّئ الكثير من المراهقين والمرضى على تجربة هذه اللعبة ونصب الفخاخ للناس لمجرد التسلية دون أي رادع، فتجد فتاة ترتدي الأقنعة المخيفة في أحد المصايف وتأتي من ظهر كل مار في الشارع طالبة المساعدة، ثم تضحك من فزعه وتجري غير عابئة بما إذا كان ضحيتها كبيرا في السن أو صاحب مرض، وترى ثلة من الأطفال يتظاهرون بمحاولة مساعدة كفيف لعبور الشارع ثم يتركونه وسط السيارات ويتضاحكون!
بعد عصر التليفزيون ومع انتشار الإنترنت، ظهرت موجة جديدة من المقالب عبر التليفون، حيث يقوم أحد العابثين المستهترين بالاتصال بأحد مراكز خدمة العملاء واختلاق قصة سخيفة يسلي بها وقته مستغلا عدم قدرة الموظف المسكين على الرد بوقاحة مقابلة أو إنهاء المكالمة، ومن ثم يقوم بتسجيلها وتداولها بين دوائره، ثم تتلقفها المواقع والمنتديات الباحثة عن الترافيك الرخيص لجذب المزيد من الزوار.
ربما أقدم مثال لهذه الموجة كان مكاملة من عميل يتحدث إنجليزية بلكنة إسرائيلية مع إحدى شركات الاتصالات طالبا مساعدة مزعومة لبحث عن رقم صديقه في دليل التليفونات باسم "خاموتخا بريخر" بالعبرية ويظل طول المكالمة يراجع حروف الهجاء من A إلى Z باحثا عن حرف ال"إخ" التائه!
ظهر بعدها سيل من المكالمات المشابهة عالميا وعربيا مع شركات وخدمات ومطاعم مثل كنتاكي و ماكدونالدز و كليك / فودافون وموبينيل وغيرهم.
الملاحظ هنا أن انحسار المسكن الأخلاقي لبرامج الكاميرا الخفية من استسماح للضحية، فقد انتشرت الثقافة بالفعل وصار لها جمهورها الواسع، فلا حاجة لمسكنات أو تسويغ وليذهب الموظف إلى الحجيم حيال متعة السخرية بهذه السماجة السخيفة التي لا يستطيع ردها فيفقد وظيفته البائسة التي ينتظرها آلاف غيره ليعملوا مكانه!
أما آخر تطورات تلك الثقافة، فقد اكتسبت بعدا جديدا من الجرأة الوقحة بعد أن صار التجسس وتسريب المكالمات خاصة ديدنا عاما مقبولا مجتمعيا ومسياسة دولة بأكملها تنشره لخصومها ، بل وحلفائها، على أوسع نطاق ليس عبر قنوات خلفية ومواقع صفراء، بل على محطات فضائية جماهيرية واسعة الانتشار،  فلم يعد من يستنكر مثل هذا إلا صوتا نشازا لا منصت له... في هذا السياق ظهر ذلك التسريب الأخير من مجموعة مكالمات خاصة لأولياء أمور مدرسة عبر الواتساب لأم تشكو أخرى سلوك ابن الثانية حيال ابنة الأولى، ليتلقفه أحدهم ويضيف عليه ذلك الرد المختلق حول المعزة ومن يربطها ثم ينشره من أجل تلك التسلية الفارغة ويحدث تلك الضجة التافهة.
ختاما، كان هذا الرصد ليس إلا محاولة فقط لأن يكون هناك صوتا آخر، فقد هالني غياب أي استنكار جاد، حتى ولو وسط التضاحك على تلك الهزليات التي ننسى بينها بؤس ما وصل إليه المجتمع وما صار يقبله ببساطة هكذا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

Friday, December 02, 2016

أكثر من نصف عمر .. أقل من نصف حياة

 لقد كبرتني بعام كامل هذه المرة بعد كسر حاجز الـ 33 السنة الماضية. 35 عاما هجرية تسبق 34 عاما ميلادية تنقضي من عمري بعد أيام.

أغلب الظن أن ما عشته أكثر مما هو قادم، ولا أدري لم الاحتفال بالاقتراب من الموت أكثر، إلا لو كنت موقنا بأني أديت ما علي ومقبل بثقة على الامتحان وفرحة لقاء الله التي نسألها ولا نظن أننا نستحق نعمة النظر لوجهه الكريم لكننا نسأل على الدوام أن ينظر لنا بعين رحمته ويجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة من كل شر.

لا أدري هل حقا وصلت لما يسمى ذروة الشباب وأنا أخطو بتؤدة في العقد الرابع وسن الكهولة؟ هل حققت شيئا أصلا حتى أبدأ في جني وحصاد ما جنيت فيما بقي من العمر كما يزعمون؟

أم هل العمر مجرد رقم، وهناك من يبدأون بعد الأربعين وربما بعد الستين أيضا؟

الأيام بيننا، ستمضي ونرى.. إن عشنا و كان لنا عمر..


Saturday, November 12, 2016

في مديح ساويرس الذي كان

كنت أمر سريعا على بعض قنوات الإعلام المصري الذي لم أعد أتابعه منذ زمن، لأقف عند قناة "أون تي في" مندهشا من إذاعتها للأذان وقت أحد الصلوات. لم أكن حينها أعرف أن ملكيتها قد انتقلت بالفعل لامبراطور الحديد الجديد: أبو هشيمة.

كان الأمر غريبا على قناة اعتدت خطها التحريري و خارطتها و هويتها، و كان هذا قبل أن يتغير كل شئ فيما بعد بما فيه البراند نفسه. و للأذان في حد ذاته وقفه مع القنوات الفضائية، حيث لم تكن تذيعه حتى سنوات قليلة مضت أية قناة دينية كانت ام سياسية أم عامة، و كان لذلك مبرر وجيه، فإنه و إن كانت القنوات مصرية وتُبث من مدينة الإعلام لكن جمهورها من المصريين و العرب أوسع من الجمهور المحلي داخل مصر فلا معنى لبث أذان بمواقيت صلاة محلية أولى به تليفزيون أرضي فحسب.

تغير الأمر بالتزامن مع ظهور قناة المحور التي كانت صاحبة السبق في هذه البدعة الجديدة، أن تكون قناة عامة - بشعارها: شبكة العائلة العربية - وتبث الأذان المحلي لدولة بعينها وهي مصر. بالطبع لم تتحمل القنوات الدينية وقتها هذه المزايدة - رغم مطالبات سابقة عديدة من جمهورها بذلك - فبدأت قنوات مثل الناس و الحكمة بث الأذان بالتوقيت المحلي المصري؛ و هكذا صارت سنة اتبعتها بقية القنوات الإسلامية والعامة التي دخلت السوق الإعلامي لاحقا كأزهري و الحياة و النهار وغيرهم، حتى لحقهم متأخرا في النهاية القنوات الأسبق - رغم بعض المقاومة - مثل دريم التي رضخت للموجة فيما بعد... لكن ضغط الأقران ليس لدرجة أن تضطر قناة سياسية أيضا لنفاق المجتمع و كأنها تأسلمت ببث الأذان، أو هكذا ظن أبو هشيمة.

فيما تتغير حاليا ملامح القناة غير المبشرة، لم تكن بدايتها مبشرة أيضا حين ظهرت فيما سبق باسم "أو تي في" بنقطة ترويج رئيسية حقيرة وهي عرض الأفلام الأجنبية كاملة Uncut بمشاهدها الخارجة فلا يحتاج المراهقون لتبادلها على أجهزة الكمبيوتر أو البحث عنها على الإنترنت البطئ في ذلك الوقت. ظهرت بعدها قناة "أون تي في" كقناة ثانوية تجريبية بجوار القناة الأم قبل أن تفشل "أو" العامة بالفعل و تصبح "أون" السياسية هي الرئيسية وبجوارها قناة ثانية أخرى "أون لايف". والتي لم تكن بريئة أيضا باتهامات لترويج خفي للتطبيع مع إسرائيل ليس بعيدا عن علاقات ساويرس مع دحلان وأعمال شركة أوراسكوم في القدس.(راجع الوصف المكتوب في هذا الفيديو عن برومو قناة أون تي في)

ما علاقة هذا الاستطراد الطويل بعنوان التدوينة إذن؟ حسنا، أون تي في هي أحد ملامح تأثير نجيب ساويرس المحببة لدي إذا نحينا جانبا الخلاف السياسي معه. لقد كانت منذ قبل الثورة و حتى وقت قريب الأكثر تعبيرا عن الروح المصرية. بداية من الاسم الذي لا يعكس مجرد تمحكا مفتعلا بأصول فرعونية، بل يحمل فكرة ورسالة من معنى الاسم و شكل الشعار الذي يحمل النور المراد إيصاله بواسطة الدور المنوط به من الإعلام. و مرورا بعد ذلك بكل تفصيلة في خارطة برامج القناة و حتى الفواصل التي تحمل مشاهد أصيلة بعنوان "مصر الحلوة".

لم تكن القناة مجرد مشروع استثماري ولا ذراعا إعلامية لرجل أعمال يحمي بها مصالحه، ولكنها كانت مشروعا قائما بذاته، تتبنى خطا تحريريا متزنا قدر الإمكان، تستقطب كفاءات إعلامية مصرية و عربية، تجمع بين الاحترافية و البساطة لتشكل نكهة و مذاقا خاصا مفعم في التعبير عن الروح المصرية... تسمع فيها - ومن قبل الثورة - كلمات الثنائي المحظور نجم و إمام، وأشعار سيد حجاب..، يبرز فيها نجم يسري فودة ثانية بفصاحته الرائعة من مدرسة الجزيرة..، و تغرق في المحلية المتقنة مع ريم ماجد في "بالمصري الفصيح" ..، وتتجول مع معالم و رموز المحروسة في "نص ساعة" مع رشا الجمال مكملة مسيرة والدتها سامية الإتربي في حكاوي القهاوي.

ناهيك عن القناة التي تتبدل ملامحها حاليا، تشعر بشخصية ساويرس في اختياراته أيضا ليس في المكون المتجانس للقناة فحسب، بل حتى في إعلانات موبينيل التي كانت لها روح خاصة مميزة أيضا تستطيع أن تلحظ تغيرها بعدما صارت مثل أي شركة متعددة الجنسيات ببراند عالمي ولغة خطاب مختلفة حتى لو حاولت مخاطبة جمهور محلي.

وبمناسبة موبينيل، فبغض النظر عن البدايات المشوبة بالفساد وهي سمة العلاقة المشوبة بين الحكومة و رجال الأعمال في ذلك العصر، فقد كان لساويرس موقف قوي - أو هكذا صدقنا - عندما تمسك بنصيبه في موبينيل أمام محاولة استحواذ أورانج الأولى، قبل أن يتخلى عن كل شئ و يخرج معظم استمثاراته من مصر فيما بعد، بعد أن ساهم في خرابها بتمويل جبهة الإنقاذ و تقديم الغطاء للانقلاب الذي لم ينل منه شيئا سوى إسقاط معظم ما كان سيسدده للدولة من ضرائب في عهد مرسي..، لكن للسياسة حديث آخر، فهنا فقط مجرد محاولات رصد بصمات تركها رجل أعمال مختلف عن معظم من يديرون البزنس في مصر.

حتى دوره خارج نطاق السياسة منذ تمويل حزب الغزالي حرب لحزبه المصريين الأحرار فيما بعد، فدوره المجتمعي من خلال مؤسسة عائلته التنموية، تلعب دورا مختلفا عن مجرد تقديم المساعدات الاجتماعية المباشرة لأهل دائرة لكسب أصواتهم الانتخابية فيما بعد مثلما يفعل أبو العينين مثلا، ولم يدخل تحالفا قريب من الحكومة مثل مصر الخير، ولكنه يلعب دورا مستقلا بمشاريع نمية حقيقية تشمل تدريب ورعاية مشاريع و حتى منح للدراسة بالخارج، ناهيك عن الدور الثقافي و المسابقات الأدبية، بغض النظر عن اتفاقك مع معاييره و نوعية الكتاب و الأدباء الذين تفرزهم جوائزه، لكنه على كل حال يثري حالة الحراك الأدبي و الثقافي فيما لا تلعبه أي مؤسسة أخرى ناهيك عن الدولة.

أخيرا، ليس الهدف من التدوينة تجميل وجه قبيح له ما له و عليه ما عليه، بقدر ما هي تسليط للضوء على جوانب إيجابية في نموذج كان ليكون جيدا لو استمر على ما هو عليه، أيا ما كان خلافنا مع آرائه أو خصومة مع سياساته.

Tuesday, July 05, 2016

كيف تختار مشروع تخرجك؟

كيف تختار مشروع تخرجك؟

أنت الآن في نهاية الفرقة الثالثة، و قد بدأت الانشغال مبكرا بالسنة الحاسمة التي ستنقلك رسميا من عالم الطلاب و الدراسة الأكاديمية إلى العالم المهني و الحياة العملية. ويأتي على رأس هواجسك تلك مشروع التخرج الذي يعد فرصة عظيمة جدا لتهيئتك لهذه النقلة.

طالب حائر


حسنا..، كيف تبدأ عملية البحث و الاختيار؟

هل قلت اختيار؟

نعم...! لأول مرة طوال سنوات دراستك الممتدة بعد قرارات اختيار قليلة محصورة في تحديد تخصص أو قسم أو مادة اختيارية من بدائل قليلة مفروضة؛ الآن لك مطلق المساحة في الاختيار الحر لمادة دراسية تطبيقية تقرر فيها ماذا ستذاكر بنفسك و كيف ستقيم نفسك وفي أي مجال تحب، دون تدخل من أحد! هل أنت متخيل حجم الفرصة التي أمامك؟

قبل البدء - الفريق قبل الطريق

ليست التجربة الأولى، فبالتأكيد خضت مشاريع مصغرة كثيرة مع زملاء الدراسة عبر السنوات السابقة و مع أساتذة مختلفين، وقد كونت فكرة معقولة عن من تستطيع أن تعمل معه بتجانس و توافق لإعطاء أعلى إنجاز. فاحرص على اختيار فريقك بعناية ونحِّ اعتبارات الصداقة جانبا إذا لم تكن تصب في شراكة جيدة في العمل.

جرب هذا التدريب: اكتب فقرة في وثيقة اقتراح المشروع الذي ستقدمه للأستاذ الذي ستختاره للإشراف على مشروعك تصف فيها السيرة الذاتية لكل عضو من أعضاء الفريق و نقاط قوة كل عضو و كيف يكمل بعضهم بعضا بحيث لا يتحمل المشروع خسارة أي منهم أو زيادة أي فرد عليهم.

خذ فكرة و ابدأ بكرة

ربما حددت تقريبا فريقك أو مازالت في مرحلة التربيطات، لكن كم مشروعا شاهدت حتى اليوم؟لا تفوت فرصة فيها عرض مشاريع دون أن تحضرها في كليتك و في الجامعات الأخرى أيضا. لا تفوت يوم الهندسة المصري السنوي. تعرف على فرق مختلفة في سنة التخرج و ناقشهم في عملهم؛ وإذا أعجبتك فكرة منهم اعرض، عليهم أن تساعدهم. تصفح بنوك الأفكارعلى الإنترنت، و اخرج خارج نطاق الجامعة لتحضر مؤتمرات الشركات الناشئة مثل Startup Weekend في مدينتك لتتعرف على عالم واسع من الأفكار و الأشخاص أيضا الذين يمكن أن تعمل مع أحد منهم.

أنت الآن مستعد...؟ حدد وجتهك إذن..

كونت صورة جيدة عن المشاريع السابقة و تستطيع التمييز بين المبدع و المكرر..، بدأت تحدد المجال الذي يشغل اهتمامك أكثر..، ربما أعجبك مشروع رائع ما تريد التكملة و البناء عليه..، أو طورت تصور لرؤية اكبر تتطلب تعاون فرق مختلفة من عدة مشاريع متكاملة في نفس التخصص او من تخصصات مختلفة او كليات مختلفة حتى..، أو ربما يتملكك شغف قوي بمعالجة مشكلة جديدة لم يتطرق لها أحد من قبل و ترى العالم كله ينتظرك لتقدم له الحل السحري الذي سينقذه من معاناته الأليمة..حسنا.. إليك أربعة أنواع من المشاريع يمكنك أن تضبط بوصلتك على أي وجهة منها:

1- التطبيقات الأكاديمية

لأن مشروع التخرج هو فرصتك لتتعلم و وتبحر وتغوص في المجال الذي تحبه من اختيارك الحر، فمن الممكن أن يكون هدفك الرئيسي هو الإلمام الكامل بهذا المجال وتطبيق كل ما ستتعلمه فيه من أفكار و تجارب في مشروعك. ليس بالضرورة أن يكون له استخدام علمي في الصناعة والسوق بقدر ما هو فرصة لاستعراض عضلاتك العلمية في المجال أو المجالات التي تعلمتها. يحضرني مثال مبهر مازلت أذكره منذ اكثر من 12 سنة عن مشروع كان عبارة عن ذراع روبوت يلعب الشطرنج على لوحة حقيقية أم لاعب حقيقي. لقد غطى أصحاب هذا المشروع ثلاثة مجالات باحترافية عالية: الخوارزميات في برمجة وتنفيذ لعبة الشطرنج، ومعالجة الصور في تصوير رقعة الشطرنج و تمييز القطع ومواقعها، و الروبوتات في التحكم في الذراع بالمواتير و برمجته بالمتحكمات الدقيقة.

2- المشروعات العملية

بالتأكيد قمت بالاحتكاك بعالم الصناعة و الأعمال خلال فترتك تدريبك الصيفي. ربما رصدت مشكلة ما في الشركة التي تدربت فيها وليس لديهم الوقت والموارد للتركيز فيها وحلها. لم لا تعرض عليهم أن تساعدهم في تقديم حل لها من خلال مشروعك؟ تقدم الحكومة و IEEE برامجا للربط الأكاديمي الصناعي بين الجامعات و الشركات لتحفيز هذا التعاون. ربما ينصحك الدكتور أو المعيد المشرف باحتاجاتك شركة ما ممن يقدمون لهم الاستشارات لتقوم بمشروعا يساعدهم بإشراف مشترك.

3- المشروعات البحثية

اخترت مجالا لم يصل لمرحلة النضج بعد ومازال ينعم بالحيوية و الأخذ و الرد في المؤتمرات العلمية؟ لم لا تكون جزءا من هذا الحراك؟ ستقرأ أوراقا بحثية، وتشتري كتبا، وربما تطلع على رسائل ماجستير و دكتوراة .. لا تقلق، لن تكون مطالبا بفهم كل شئ في نقطة بحثية شديدة التخصص، سيكفيك الإلمام العام بالفصل الذي يستعرض الصورة العامة للموضوع literature survey في أي رسالة، ومن ثم تحدد تطبيقا عمليا على نموذج مصغر من المشكلة التي تسعى لحلها وتعمل في مشروعك على تقديم تجربة مبسطة لحلها prototype يهدف لإثبات الفكرة وقابلية توسعها وتعميمها فيما بعد. ستستمتع بالتواصل مع باحثين من أنحاء العالم وستفاجأ بسخائهم في تقديم المساعدة لمن يعمل في مجال اهتمامهم، وربما تنشر أنت أيضا ورقة بحثية في مؤتمر او مجلة علمية تشكل إضافة جديدة في المجال بنهاية مشروعك الذي من الممكن ان تستمر فيه بعد ذلك كجزء من خطتك للدراسات العليا.

4- مشروع شركتك

أن يكون أمامك الفرصة لتعمل بدأب وتركيز لمدة عام كامل على مشروع من الألف الياء لهو أكثر من كاف لأن تقوم ببلورة هذا المشروع في صورة منتج أو خدمة تقدمها للسوق المحلي أو الدولي وتخوض به المنافسة في عالم الأعمال. هنا عليك الخروج من العباءة الأكاديمية بعض الشئ و الاحتكاك بعالم الشركات الناشئة ومسابقات الحاضنات التكنولوجية و مسرعات الأعمال لتتعلم مهارات لن تجدها داخل حرم الجامعة لكنها ستؤهلك لكي تخرج منتجا جديدا أو ربما مشابها لآخر موجود ولكن بطريقة تنفيذ مبتكرة و أكثر كفاءة وتنزل به في السوق وتستمر في تطويره بعد ذلك و تحقق نجاحات أبعد من مجرد تحصيل الدرجات والحصول على شهادة التخرج.

ها أنت على طريق البداية الآن، وقد اخترت فريقك و حددت مجالك وضبطت بوصلتك، لم يبق إلا أن تتبع شغفك و تنطلق، ولا تنس ن تتابعنا بتفاصيل رحلتك وتسألنا إذا ما عقبات واجهتك؛ وإذا كنت خريجا فشارك معنا خبراتك وتجاربك ليستفيد منها غيرك.

 

Thursday, June 30, 2016

BELIEVE IN YOU

 "You don't fight..!" said he. "Why should I? Show me the battle to embrace first! " I replied.

 --- In a recent workshop I was asked to draw my life river. A depiction reflecting my life story, the fights I took, the paths I went into, and the purpose behind all of that. The purpose of life. 

What I discovered, or actually had known and rediscovered, is that I found out that I have no single streamlined river of my life along all these long years I lived. It's just only a scattered set of small incomplete disconnected streams that pour into nowhere at the end. 

Maybe each stream had a strong purpose at the beginning; but did it have a strong enough belief to fight for it till the end? Is it a matter of belief? But why should I? What should I believe in? And why should I care? To believe in the unknown and fake it till to - allegedly - make it, in the name of vague words like gut, instincts and some green shiny idiot daydreams? 

Actually there are a few things in that world that I believe in; all other ideas and thoughts are under skepticism. At their best they accepted for experimentation empirically. So nothing deserves the fight for! 

More than a decade earlier I used to have stronger - yet changeable - political, professional, technical, religious and other opinions that were strong enough to struggle and debate for; to convince others and win arguments. 

But as for now; almost every thing is relative; there's no right answer, or correct direction, at least for me. All paths are equal; no path deserves a fight. Even in small talk discussions, when someone expresses an opinion you don't like, relativity puts down your desire to express another opinion.

   --- 

During an activity with another team after that workshop, the team's motto was "Believes in You", and same was the whole experience where you were surrounded with amazing people providing real unconditional sincere support and belief in each member. 

Besides the fascinating experience, the slogan itself was alerting and made me reflect on myself and my answer to the workshop question. I think I was lucky enough to have supportive people believing in me at different stages of my personal and professional lives. 

I could convince people with my skills and abilities to embrace challenges and gain their trust and respect, but why did I get a tendency to give up quickly and not fight? Maybe it's a self-belief dilemma? 

Before someone believes in you, you have believe in yourself, but when in the world did you believe in yourself? You are a type of a weird person who are used to take challenges because he enjoys that - not for the sake of the fruitful success at the end - but because you just enjoy the journey, and the success is just a byproduct you didn't intend to firstly.. and when you start doubting everything, you can't even continue any journey! 

But .. Is that a loss of faith? 

I don't think it's a type of teenage disbelief disorder, but you have to confess that despite you have to have to be the closet to Allah after the last Hajj trip you longed for since ages, it's the first time you encounter an unignorable tendency to stop praying at all! 

You can't blame it totally on the miserable atmosphere we're all living in causing a global frustration, depression and desperate souls. Politics haven't been your main concern at the end. You had your own plans and goals, but they turned out to be like: شوق بلا أمل، لحلم قد رحل 

Maybe that's why you don't fight strongly for any dream! You consider it gone away already! And that's not the spirit for any achiever! 

In the entrepreneurship literature they say you have to take a leap of faith and jump into the unknown in order to achieve your dream. But in realty you find this ridiculous and there is no strong enough faith to bear the risk and be sure you won't end in a situation like this video https://goo.gl/tuIQ8s

 --- 

In a last workshop, each one was required to write down his fears that prevent him from doing what he aspires to do, the obstacles that stops his boat from sailing his life river smoothly, the ego behind certain behaviors you need to get rid of. 

The most prevailing point for me was is that I don't ask for help at all, despite being surrounded by people who are generously willing to support. 

Does this has anything to do with belief? You don't think you need to help, or you don't think they would help, or you think you don't deserve a help, or you don't believe in what you do so they'll not believe in you to offer help? 

Maybe it's actually you don't even share your fears, dreams, excitements, worries and special moments with anybody. Why? You don't fully embrace what you're doing? 

Or you fear when ask that someone will let you down? But they say if you don't ask the yes won't come. And in reality on one achieves any considerable accomplishment solely on his own. 

At last after all these brain dump meaningless thoughts you get to the basics and what's trivial by necessity, is that in order to continue a meaningful , keep faith in God and the unseen, achieve goals, realize dreams, you have first to believe in you!

 #just_some_nonsense #طق_حنك #a_self_destructing_note #back_to_old_self_talk_and_writing_therapy #to_the_nowhere_and_beyond


Saturday, June 06, 2015

ذيب - في تجميل الخيانة و تمجيد التعاون مع الرجل الأبيض

أكثر من رائع بكل ما تحمله الكلمة من معنى و زيادة. فقد استمعت جدا بمشاهدة الفيلم الأردني النشأة / العالمي الأداء و المستوى: ذيب، وهي ثاني تجربة لي في حضور العروض التي تقدمها زاوية بعد فيلم المواطن 4 التوثيقي لتجربة سنودن في مغامرة كشف وثائق تجسس المخابرات العالمية.

مستوى فني عال تعيش معه أجواء الصحراء و البادية كأنك داخلها و تنفعل مع الأحداث فينتفض جسدك مع طلقات الرصاص، و تستشعر وحشة الليل فيمتلئ قلبك بالرهبة من عويل الحيوانات الضارية، تظمأ من الهجير مع أبطال الفيلم، و تصادق الجمال التي صحبتهم و حملتهم في الرحلة الطويلة.

من الأكثر المشاهد حرفية و أظنه سيعلق في ذاكرتي كثيرا، مشهد سقوط الغلام في البئر، تمسكه بالحبل، ثم انقطاعه، شبه غرقه، ثم محاولاته النجاة، تسلقه الجدران حتى خروجه أخيرا. يذكرك كل هذا بما عاناه نبي الله يوسف عليه السلام و هو فتى صغير من كيد إخوته و شبه ضياعه حتى نجاه الله بعد وقت طويل في البئر المظلمة. ستفكر كثيرا بعدها كيف أثر ذلك في نفسيته و كيف أوغر صدره تجاههم فيما لا ذنب له فيه، وكيف استطاع حين التمكين له أن يعفو عنهم هكذا بمنتهى البساطة.

التصوير الاحترافي ياتي معه أيضا إبداع في السيناريو و اللقطات المختارة بعناية و كأنها تنقل إليك توثيقا مكتملا للحياة البدوية، وعلاقات القبائل فيما بينهم؛ مراكز القوة و العلاقة مع السلطة القائمة و الوافدة الأجنبية؛ اللهجة المحلية الطبيعية، و عناصر الحياة و التركيز على التفاصيل البسيطة فيها بدون اصطناع، كقربة الماء و الخبز المجفف و حقيبة المتاع.

أما عن القصة و الرسالة التي يبثها العمل فهو ما أفسد عليّ متعتي بالفيلم في النهاية. لحق الفتى ذيب بأخيه الأكبر كدليل للإنجليزي المستعمر و رفيقه في دروب البادية فهجم عليهم قطاع الطرق في معركة انتهت بمقتلهم جميعا و نجاة ذيب الذي قضى أياما حائرا وسط الصحراء بجوار البئر الذي أنقذه حتى ساق القدر إليه أحد قاطعي الطريق مغشيا عليه على دابته التائهة التي أوصلته لذيب.

أبدع السناريو هنا في رسم الأبعاد المركبة للنفس البشرية و كيف تجبر ظروف المصلحة المشتركة و غريزة البقاء عدوين على أن يتحولا صديقين رغم كل شئ. فساعد ذيب الرجل الذي قتل أخاه و سقاه و أخرج رصاصة من فخذه، بينما استأمنه الرجل رغم أن أخاه قد أصابه و أحدث له عاهة في محاولة قتله قبل أن يقضي هو عليه.. فأهدي ذيب مسدس الإنجليزي ليحميهما إن تعرضا لخطر في رحلة العودة من الصحراء مذكرا إياه: "لا تخنّي!".

لم تكن النهاية المتسارعة بمثل تلك الإنسانية، فحين رأى ذيب الرجل يقبض ثمن فعلته بتسليم متاع الإنجليزي لضابط الحامية التركية وسط أجواء الحرب العالمية الأولى، لم يكن منه إلا خيانته بتصويب رصاص المسدس إلى صدره وقتله! ربما يمكن التغاضي قليلة عن أشياء في بوصلة الفيلم بالنظر لخلفية إنتاجه و تمويله كتصوير الإنجليزي على أنه المتحضر الذي يحمل معاني الوطنية و الموت في سبيل قضية لا يفهمها هؤلاء البدو الرحل! لكن ليس درجة تصوير الثوار الأعراب بشكل قطاع طرق أفسد عليهم القطار عملهم كدليل لطريق الحج فتحولوا لنهب إخوانهم، ولا أن يتحول الطفل لقاتل منتقم لدم أخيه بعد نشوء علاقة إنسانية مركبة هكذا مع خصمه يتم تمجيد الخيانة فيها في النهاية!

ختاما، من أكثر ما أبهرني بعد مشاهدة الفيلم وبعض التقارير السريعة عنه حقيقة أن أبطاله ليسوا ممثلين محترفين، بل هم من البدو الذين كان يتصرفون علي طبيعتهم جدا بعد أن قضى المؤلف و المخرج معهم قرابة العام وسط البادية ليختار منهم الشخصيات مع بعض التدريب و يقومون سويا بتطوير السيناريو و فهم البيئة المحيطة و أجواءها التاريخية و عاداتهم القبلية، حتى ظهر العمل بهذا الشكل التلقائي المتقن الذي تصدق فيه ملامح الطفل و تعبيرات الأبطال كأنك بينهم و تعيش أجواءهم فعلا.

Yes it's Dell, but don't put over expectations too..

It's my first experience with a high-end business series laptop with my new Dell Latitude e7440. But it seems I was wrong to put some expectations that sounded trivial for me and was surprised to find something else.

Useless OEM Windows Copy?

Well, the laptop comes with a Windows DVD where it doens't have a DVD drive. No problem for that, I managed to copy it as an .iso file to a bootable USB drive. But when I made a new fresh install, what does it mean there is no driver definitions at all with Windows version coming from the hardware manufacturer itself?! Even the network driver that would have been defined seamlessly if I have used my own Microsoft Windows copy, even this was not found.
The only use of that version is saving the time of the activation step but with wasting more time using another PC to download drivers, transfer them to the new one and install them!


We have a nice option, but you can't use it!

Having a space for an additional internal hard disk is a great feature that can substitute the small size of the fast SSD disk by having another large disk for data and archives. I liked that much when I discovered it, but when I tried to install my old hard disk, I was trapped by not finding the appropriate disk frame/bracket or the screws to fix it in its ready perfectly fitted place!
There's just a long official forum post discussing the issue and suggests to buy a highly priced spare part for the missing item; and even when I tried, the support in Egypt didn't reply to my email.

Security last and least

Maybe it's a minor one. Actually I was impressed by the rich configurations in the BIOS. Though I searched for an option to turn on/off disk drives to allow the use of only one and prevent the other from being read temporarily, but there is no such thing.
So, I used a workaround by putting a password on both drives. My mistake that revealed the bug is setting the same pasword fot the two disk drives to find out that I was asked to enter the password only once after booting. And that means BIOS uses just the first key trying to open all locks with it!

Was I wrong to expect much more than that from a well-known brand and a highly-priced machine?