لماذا كلما استجد علينا أمر نبحث في الماضي عن شبيه له و نحاول أن ننزل وقائعه على عصرنا.. و لماذا يكون كل اجتهاد مستحدث أمر مرفوض ومستهجن ولماذا دائما السابقين على حق و صواب و علينا أن نحذو حذوهم؟
حقيقة لا أرى فرقا كبيرا بين سؤال السائل عن حكم الإضرابات والعصيان المدني ومنهج التغيير في ضوء الشريعة و السؤال عن الري بالرش أو التنقيط في ضوء الشريعة !
فهذا أمر من أمور الدنيا في مجال السياسة و هذا أمر آخر في مجال الزراعة.
فهذا أمر من أمور الدنيا في مجال السياسة و هذا أمر آخر في مجال الزراعة.
الشريعة فصلت لنا أمورا كثيرة بوضوح لا يمكن الخروج على أحكامها و تركت أمورا كثيرة أخرى مسكوت عنها لإفساح المجال للإبداع البشري الإنساني عامة فلماذا نبحث عن تقييد ما سكت عنه الشرع؟
الشريعة وضعت أطر عامة نتحرك داخلها (مثل وضعية الدستور كإطار لسن القوانين) لكن التفاصيل نتحرك فيها بحرية ولا يلزمنا استنساخ تجارب ماضية حتى لو كانت ناجحة في حالتها ففي النهاية هي تجربة إنسانية و ليست شرع
مقولة الإمام مالك - رحمه الله - أنه "لن يصلح أخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها" لا تقول لنا إذا تدهور حال الزراعة و فسد فإنه سيصلح بأسلوب الري الدائم التي صلحت به أيام محمد علي مثلا أو ري الحياض التي صلحت به في الدول الإسلامية السابقة، إنها فقط تحثنا على التمسك بالمنهج وطاعة الله ورسوله و ترك البدع .. إلخ. لكن لا تتكلم عن موضوع بعينه كصلاح أمور السياسة أو الزراعة أو ...
تحفظي على العودة إلى الماضي لا ينفي أهمية الاستفادة من التجارب الإنسانية عبر التاريخ و لا شك أن تجربة الخلافة الراشدة صورة مثالية و إن كنت أختلف مع من يتوقفون عند هذه التجربة فقط و يهيلون التراب على كل ما بعدها.... لا ضير أن نعتبر هذه التجربة نموذجا لكن فقه الواقع و الممكن يفتح لنا آفاق تجارب كثيرة حتى و إن كانت لا توصل إلى هذا النموذج
أظن أنه من نعم الله علينا أنه لا يوجد في الإسلام تعريف لنظام حكم قياسي ولا آليات لتولية حاكم أو خلعه إنما فقط أطر عامة بالأمر بالعدل و تحريم الظلم و تحريم قتل النفس بغير حق ... إلخ
أعود و أؤكد على فكرة المفصل و المسكوت عنه في الشرع فمن الأحكام المفصلة مثلا:
- قوانين الأحوال الشخصية كالميراث و الزواج .. إلخ
- أحكام الجنايات و العقوبات كالسرقة والزنا و شهادة الزور
- بعض الأمور في السياسة المالية مثل الزكاة كمصدر دخل خزانة الدولة
- بعض الأمور في السياسة الاقتصادية كتحريم الاحتكار
وهكذا..، أما نظام الحكم فلا يوجد فيه تفصيل و ترك للاجتهاد و الإبداع وقد حاول العلماء الاسترشاد ببعض الآيات و الأحاديث القليلة في أمور متفرقة بالإضافة للتجارب السابقة ليخرجوا لنا خلاصة اجتهادهم فيما أسموه " السياسة الشرعية " و التي علينا الاستفادة منها لكن هذا لا يغلق آفاق الاجتهاد و التباين في المناهج والأساليب بين مدارس مختلفة
- قوانين الأحوال الشخصية كالميراث و الزواج .. إلخ
- أحكام الجنايات و العقوبات كالسرقة والزنا و شهادة الزور
- بعض الأمور في السياسة المالية مثل الزكاة كمصدر دخل خزانة الدولة
- بعض الأمور في السياسة الاقتصادية كتحريم الاحتكار
وهكذا..، أما نظام الحكم فلا يوجد فيه تفصيل و ترك للاجتهاد و الإبداع وقد حاول العلماء الاسترشاد ببعض الآيات و الأحاديث القليلة في أمور متفرقة بالإضافة للتجارب السابقة ليخرجوا لنا خلاصة اجتهادهم فيما أسموه " السياسة الشرعية " و التي علينا الاستفادة منها لكن هذا لا يغلق آفاق الاجتهاد و التباين في المناهج والأساليب بين مدارس مختلفة